عدسة

رحلة واحدة تكفي.. مصر بوابة الشفاء والسياحة

  • الموارد  الطبيعية الفريدة مكنت مصر من تحقيق مركز متقدم في السياحة العلاجية.
  • مصر تحتل المركز الرابع عربياً وأصبحت وجهة مفضلة لراغبي العلاج من أمراض العظام والجلدية والجهاز الهضمي و التنفسي.
  • واحة سيوة  أبرز الوجهات المميزة في مجال السياحة العلاجية لما تزخر به من مصادر طبيعية، كالينابيع والآبار  الغنية بمكونات معدنية متنوعة.
  • واحة الخارجة مقصد راغبي العلاج من حصوات الكلى والأمراض الجلدية واضطرابات الجهاز الهضمي  لوجود آبار مياه معدنية عميقة وغنية.
  • الملح البحري والرمال السوداء الطبيعية جعل أسوان وجهة مميزة لعلاج الأمراض الروماتويدية.
  • تميز العين السخنة بوجود ينابيع كبريتية حارة ورمال غنية بعناصر مشعة، جعلها وجهة علاجية مشهورة مع وجهات مثل حمام فرعون وحمامات موسى.
  • الواحات البحرية تفتخر بوجود أكثر من 400 عين للمياه المعدنية والكبريتية أثبتت الدراسات طاقتها العلاجية العالية في محاربة أمراض الروماتيزم ومشاكل الجلد.
  • سفاجا وجهة مميزة لعلاج الآلام لوجود الرمال المحملة بأملاح الذهب والنظائر المشعة الآمنة.

 تقرير- أروى عبد المجيد  ورشا متولي:

تتميز مصر بتنوع الأنماط السياحية التي تلبي رغبات وأذواق السائحين على مدار العام وتعد السياحة العلاجية أحدى الأنماط التي شهدت نموًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة في مصر بفضل ما تمتلكه من مقومات طبيعية فريدة وخبرات طبية متميزة في إطار ذلك سعت الحكومة  لتنفيذ رؤية مصر 2030 من أجل تعزيز المصادر التي من شأنها زيادة إيرادات الدولة من النقد الأجنبي وخلق فرص عمل وزيادة الناتج القومي.

وتعد السياحة العلاجية من أهم الأنماط السياحية الواعدة التي يمكنها المساهمة في تعظيم الناتج المترتب عن الاستثمار في هذا النمط بشكل كبير.

كانت البداية منذ الحضارة المصرية القديمة حيث كانت من الحضارات السباقة في مجال الطب، وظهر ذلك من خلال تقدم المصريين القدماء في استخدام المواد الطبيعية، و الذي ظهر في علم التحنيط الذي يعتبر حتى اليوم أحد الألغاز المحيرة. ولعل “إيمحوتب” الذي عرف بعبقرتيه الطبية، هو مثال حي على هذا التقدم حيث ينظر إليه كرائد لفن الطب. ومع مرور السنين ،وما تملكه مصر من موارد طبيعية فريدة كالمياه المعدنية، الرمال الساخنة والكثبان تمكنت مصر من تحقيق مركز متقدم في ميدان السياحة العلاجية.

ولكن السؤال هنا ماهي السياحة العلاجية ؟

تعرف السياحة العلاجية بأنها نوع من السياحة يجمع بين العلاج الطبي والسياحة حيث يقوم الشخص بالحصول على خدمات طبية متخصصة و الاستفادة من العناصر الطبيعية كالمياه الكبريتية والطين العلاجي والمناخات الملائمة بالإضافة إلى الاستمتاع بالمعالم السياحية والثقافية للبلد في نفس الوقت تبرز مصر في هذا المجال بفضل تنوع بيئتها ووفرة مواردها الطبيعية التي تحظى بإقبال دولي من جبال سيناء إلى سواحل البحر الأحمر، مرورًا بالأودية الخلابة والصحاري الغنية بالمعادن العلاجية بالإضافة إلى العديد من المصحات والمراكز الطبية المتخصصة في السياحة العلاجية، والتي توفر أحدث التقنيات الطبية وأعلى معايير الجودة.

وتحرص الحكومة على تطوير البنية التحتية للسياحة العلاجية، من خلال إنشاء المزيد من المستشفيات والمراكز الطبية المتخصصة، وتوفير التسهيلات اللازمة لراحة المرضى، كما أن هناك نوع آخر للسياحة وهي السياحة الاستشفائية وتعد جزءًا من السياحة الطبية المكرسة للراحة حيث يقوم الأفراد من خلالها بالسفر للاسترخاء للعلاج بالطبيعة وتحسين صحتهم العامة للاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة فهي تهدف إحداث تحسن في الحالة العاطفية والذهنية للشخص، من خلال توفير محيط يسوده السكينة والهدوء بعدما يكون الفرد قد أنهكه المرض من خلال الاعتماد على تطبيقات علاجية كاليوجا والعلاج بالأعشاب.

وتتنوع تكاليف هذا النوع من السياحة استناداً للدولة المضيفة ومستوى الخدمات الطبية المقدمة والاحتياجات الصحية الخاصة بكل مريض يلي ذلك السياحة العلاجية المحلية، والتي لا تتطلب التنقل بين الدول، بل تقتصر على الانتقال داخل البلد نفسه، قد يكون ذلك ضمن مدينة مغايرة ليتلقى المريض العلاج اللازم.

صرح محمد سعدان خبير في مجال السياحة العلاجية أن هذا النوع من السياحة يُعد علاجًا طبيعيًا وفعّالًا لمختلف الأمراض، مقارنة بالعلاج الكيمياوي الذي قد يُسبب آثارًا جانبية أكثر من فوائده.

 وأكد أن السياحة العلاجية تنفذ بطرق مهنية وصحيحة تضمن سلامة المرضى، مع التأكيد على ضرورة استشارة الطبيب قبل البدء بأي علاج، وتتراوح مدة العلاج بين أسبوع و 15 يومًا، وقد تمتدّ إلى شهر في بعض الحالات، وتختلف مدة العلاج حسب نوع السياحة العلاجية .يعزز هذا النوع من السياحة من قدرات النظام الصحي المحلي ويسهم في رفع مستوى الخدمات العلاجية.

 تمكنت مصر من تحقيق مركز متقدم في ميدان السياحة العلاجية ، وتم تصنيفها في المركز الرابع عربياً بعد دبي وأبو ظبي وعمان في خدمات السياحة العلاجية، ما يجعلها وجهة مفضلة للكثيرين قصد العلاج من أمراض تتنوع بين العظام والجهاز الهضمي إلى الجهاز التنفسي والأمراض الجلدية.

يعد المصريون أكثر الفئات إقبالاً على السياحة العلاجية، خاصاً بعد جائحة كورونا، حيث يبحث الناس عن طرق طبيعية لتعزيز المناعة وعلاج الالتهابات ، بينما ينظر إليها الأجانب كنوع من الاستجمام والتسلية، خاصة في واحات الداخلة والخارجة اللتان تتميزان بوجود ينابيع مياه ساخنة تتراوح درجات حرارتها بين 30 و 60 درجة مئوية.

 وأضاف أن  الألمان يحتلون المرتبة الأولى بين الأجانب الذين يقبلون على السياحة العلاجية في مصر، يليهم الإسبان ثم شعوب شرق آسيا. ويعود ذلك لحبّهم للصحراء وفوائدها العلاجية، خاصةً لمرضى الروماتيزم والتهاب المفاصل.

وحذر محمد سعدان من مخاطر الاستخدام الخاطئ للسياحة العلاجية، دون إشراف طبي، ممّا قد يُسبب مضاعفات صحية لبعض المرضى.

وتبقى مصر ملتقى يحظى بإقبال دولي للباحثين عن الشفاء والتعافي .

السياحة العلاجية في مصر: تنوع فريد وخصائص طبيعية استثنائية

في هذا السياق، تُبرز واحة سيوة كإحدى أبرز الوجهات المميزة في مجال السياحة العلاجية، حيث تزخر بالعديد من المصادر الطبيعية، كالينابيع والآبار الطبيعية الغنية بمكونات معدنية متنوعة، إلى جانب درجات حرارة مرتفعة تصل إلى 67 درجة مئوية، مما يُعزز من مكانتها كمنتجع قوي للعلاج الطبيعي.

وتتألق سيوة بجبل “الدكرور” الشهير، الواقع في الصحراء الغربية جنوب شرق الواحة، حيث يستقطب الزوار سعيًا وراء العلاج الطبيعي، خصوصًا لمن يعانون من الروماتيزم وأمراض الجلد، وكذلك الاضطرابات المعدية.

وإلى جانب سيوة، تبرز واحة الخارجة، الواقعة في أحضان الصحراء الغربية بالقرب من جنوب أسيوط، حيث تمتلئ بآبار مياه معدنية عميقة وغنية قادرة على معالجة مجموعة كبيرة من الأمراض، مثل حصوات الكلى، والأمراض الجلدية، واضطرابات الجهاز الهضمي.

وتعد أسوان، عاصمة للتنوع الثقافي والتاريخ الحضاري، وجهة مميزة لعلاج الأمراض الروماتويدية، مستفيدة من خصائص الملح البحري والرمال السوداء الطبيعية، وذلك من خلال منتجعات للمعالجة بالمياه والرمال.

وتعرف العين السخنة بوجود ينابيع كبريتية حارة ورمال غنية بعناصر مشعة، مما يجعلها وجهة علاجية مشهورة، مع وجهات مثل حمام فرعون وحمامات موسى.

وتفتخر الواحات البحرية بوجود أكثر من 400 عين للمياه المعدنية والكبريتية التي أثبتت الدراسات طاقتها العلاجية العالية في محاربة أمراض الروماتيزم ومشاكل الجلد، وذلك بمناخ جاف خال من الرطوبة يساعد على الاستشفاء

أخيرًا، تُعد سفاجا وجهة مميزة لعلاج الآلام، حيث تُعرف برمالها المحملة بأملاح الذهب والنظائر المشعة الآمنة، ويُمارس العلاج عن طريق الدفن في هذه الرمال السوداء الفريدة.

العلاج بالرمال السوداء في سافجا
العلاج بالرمال السوداء في سافجا
جبل الدكرور بسيوة
جبل الدكرور بسيوة

مجهودات الدولة لتطوير السياحة العلاجية

تشهد مصر نهضة شاملة في مختلف المجالات، بما في ذلك مجال السياحة العلاجية، حيث تسعى الدولة جاهدة لترسيخ مكانتها كوجهة عالمية مفضلة لتلقي العلاج ، لذلك، أطلقت الدولة العديد من المبادرات والمشاريع الرامية إلى تطوير هذا القطاع الحيوي. ومن أهم هذه المبادرات “نرعاك في مصر” التي تهدف إلى استخدام المهارات الطبية العالية الموجودة في مصر لجذب الزوار الأجانب الباحثين عن علاجات متميزة ومتطورة.

 أوضح الدكتور أحمد السبكي رئيس هيئة الرعاية الصحية ، أن المشروع يسير على ثلاث ركائز مهمة:

أولاً، يرتكز على تحقيق تجربة علاجية متميزة لكل مريض؛ وذلك عبر تخصيص مكاتب معنية بالزائرين الدوليين وضمان تدريب الكوادر الطبية والإدارية على اكتساب مهارات التواصل الفعال مع المرضى من مختلف الثقافات واللغات، إضافة إلى تصميم لائحة مالية تحمل طابع التنافسية وتخدم الهدف الأسمى في تقديم خدمات متخصصة وتعاقدات مع أبرز الأطباء في المناطق التي تشهد إقبالاً من الأجانب للعلاج.

 ثانياً، بناء شراكات مع مؤسسات عالمية لتبادل الخبرات. أخيراً، ترويج مستمر لإظهار قدرات مصر العلاجية لجذب المزيد من الزوار الدوليين.

حققت المبادرة نجاحًا باهرًا، حيث استقبلت مرضى من دول مختلفة مثل زامبيا ونيجيريا للاستفادة من أحدث البروتوكولات العلاجية العالمية والعناية المتقدمة داخل منشآت الهيئة، وتحظى المحافظات التالية بالمرحلة الأولى لمنظومة التأمين الجديدة والتي تشمل “بورسعيد، الأقصر الإسماعيلية جنوب سيناء، السويس وأسوان” بجاذبية سياحية.

في إطار جهود الدولة المستمرة لتعزيز قطاع السياحة العلاجية،صرح محمد سعدان أن الحكومة تعمل  على تسهيل التراخيص والتصريحات للمنتجعات السياحية والآبار المخصصة للسياحة العلاجية، مع تحديد أماكن وأوقات محددة لممارسة هذا النوع من السياحة

 كما اتخذت مصر خطوة نوعية بافتتاح أول منصة إلكترونية متخصصة في السياحة العلاجية. اجتمع ممثلو وزارات ومنظمات حكومية بمقر الوزارة في العاصمة الإدارية الجديدة في ٢٩ فبراير ٢٠٢٤، أتيحت فرصة الاطلاع على المخططات الأولية للمنصة وأسلوب التسجيل فيها، متبوعةً بشرح تفصيلي لمختلف الخدمات التي من شأنها أن تلبي حاجات المتطلعين لتلقي العلاج في مصر.

 أكد الدكتور مصطفي مدبولي على أهمية إتمام كافة الاستعدادات لإطلاق المنصة، كما شدد على أهمية التأكد من إدراج كل المستشفيات والمراكز الطبية المعتمدة، سواء تلك التي نالت الاعتماد المحلي أو الدولي.

مواصلةً لسلسلة الجهود المصرية نحو تعزيز صناعة السياحة العلاجية ، انعقد في العاصمة الإدارية الجديدة يوم السبت الموافق 2 مارس 2024 المؤتمر الدولي الثاني لتطورات السياحة الصحية المصرية، تحت رعاية  الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وأكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، على أهمية السياحة العلاجية والاستشفائية، مشيرًا إلى أن مصر  بدأت بالفعل تشكيل رؤية تنموية شاملة للترويج لعدد من المواقع السياحية والعلاجية المتميزة كوجهات مثالية.

وأضاف أن مصر أعلنت عن تأسيس أول منتجع متخصص في السياحة العلاجية بمنطقة الصف في الجيزة، على مساحة 40 فدانًا ويستقطب استثمارات تزيد على 1.5 مليار جنيه مصري.

و تعد هذه المبادرات خطوة كبيرة نحو تعزيز مكانة مصر في مجال السياحة العلاجية، وجذب المزيد من السياح من جميع أنحاء العالم، وتحقيق المزيد من التنمية الاقتصادية للبلاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى