“مو” وأسطورة فخر العرب
بادئ ذي بدء، هذه مساحة هادئة كما يُحب محمد صلاح عَيش حياته، لمحاولة فَهم مواقف وطبيعة “مو” في اختيار معاركهُ ونظرتهُ للإنسانية.
بدايةً:
“If he scores another few, then I’ll be Muslim too”
لو أحرز المزيد من الأهداف، سأكون مُسلمًا أنا أيضًا.
“Sitting in the mosque, that’s where I wanna be!”
لو صلاح في المسجد، أريد أن أكونَ هُناك.
كانت هذه بعضُ الكلمات من هتاف جماهير نادي ليفربول الإنجليزي لـ “مو” صلاح.
إن نصف الحقيقة يكمن في أن محمد صلاح هو الشخصية الأبرز والهامة على المستوى العربي والإسلامي في السياق الرياضي، وهذا بعيدًا عن آرائي أنا وأنتَ وأنتِ وأنتما وأنتم وأنتنَّ وهو وهي وهما وهم وهنَّ!
ثم إن نصفها الآخر يكمُن في أن صلاح هو مَن قدم نفسه لنا في ثوب “أخلاقي” وليس نحن من ألبسناه .. في كل محفل يحمل المصحف بين يده، وفي زيارته لتل أبيب، رفض أن يُصافح لاعبي الفريق الإسـرائيـلي؛ بحجة ربط الحذاء التي بدت منطقية أمام جميع العرب، ثم في أخرى سجل هدفًا، حتى بدأت هتافات الجماهير الإسرائـيلية ضده، وهو يُشير لهم بيده بطريقة استفزازية.
وهو الذي بعد انتقاله إلى نادي “فيورنتينا” قرر أن يرتدي القميص رقم 74 تخليداً لشهداء بورسعيد.
حينها وبتلقائية استحوذ على حُب وتأييد ملايين من الجماهير العربية لا المصرية فقط، وزادت أسهمه الشعبية، ليس لأنه “حامي حمى الإسلام والدين” .. لكن فقط لأنه “يُشبههم”!
هذا قبل أكثر من ثمانية أعوام؛ نحن الآن أمام “مو” جديد في بريطانيا .. أكثر انفتاحًا على الثقافة الغربية، وأكثر صمتًا عن القضايا الإنسانية الإسلامية والعربية.
لم يتأخر صلاح عن نعي ملكة بريطانيا، واصفًا “إرثها وخدمتها” بالراسخة!، متجاهلاً إرثها الاحتلالي لوطنه الأصلي.
ثم في تغريدةٍ أخرى، دعا للحفاظ على حقوق الحيوان .. وبعيدًا عن الأولويات هذا حق، لكن هل نحنُ أمام ناشط حقوقي أم لاعب كرة قدم يكتفي بالظهور أمام العالم لمدة تسعين دقيقة؟ أم شخص طبيعي ماهر في كرة القدم ويعبر عن رأيه في القضايا الرائجة؟
اقرأ أيضًا: من الأحلام إلى الواقع.. تحديات وإنجازات دينا الرفاعي في إحياء الكرة النسائية في مصر
لذا القول بأن اللاعب هو مجرد “لاعب” قول ساذج، ليس مقارنةً بأبو تريكة أو النني أو أوزيل أو غيرهم .. لكنه قول عبثي في أصله أمام كل شخص يتبنى منظومة عقائدية أو أخلاقية أو إنسانية.
ولا أعلم رد فعله أمام هذا الحجم من الطغيان والظلم والإرهـاب، لو كان جبلاً لخر راكعًا وأناب!
القائل: “لماذا كل هذا الاهتمام به؟” يضع عصابة على عينيه كما يفعل “مو” نفسه، وبعيدًا عن الكلمات المستهلكة عن أهمية وضرورة دعم المشهورين لقضايا المسلمين والعرب، محمد صلاح هو أحد أقوى الأصوات الرياضية على مر التاريخ المعاصر!
والقائل: “يعني محمد صلاح لو كتب تويتة القدس هتتحرر؟” ينتحر منطقيًا وهو لا يدري، اتخاذ المواقف بالقول أو الفعل مقصود به بالأساس الإيفاء للمنظومة الأخلاقية التي ينتمي الإنسان لها سواء كانت عقائدية أو أخلاقية مجردة من المفاهيم الدينية، والمسلم أفعاله مقصود بها التعبد لله ورجاء والأجر منه، ولا ينتظر النتيجة من وراءها، فكم من ملايين يكتبون الآن ويعلمون علم اليقين أن النصر ليس اليوم أو غدًا؟ ولكن من باب “خذل عنا ما استطعت”.
إن حياة الإنسان مجموعة من التجارب والمواقف ليست فقط (فن اللامبالاة)، هذه هي الدنيا .. لا تلبيسَ ولا تدليسَ، لا إبهامَ ولا إيهامَ، لا مُواراةَ ولا مُداراةَ!
تتفق أو تختلف إنها أراء شخصية، ولا يحتدم النقاش أساسًا، ولأنها شخصية، فـ محمد صلاح هو من أكثر لاعبي كرة القدم الذي يُمتعني كُرويًا، ورافعًا لإسم بلدي ومشرفًا لها،
إذًا هي مسألــة خيبة أمل، وخذلان تجاههُ لا يوصف.
-الكُل تكلم، الكُل عبر، الأعذار انتهت الآن!
أما عن القضية ذاتها فهي بديهية، وليس هناك أي مبرر لكل من كان في يدهِ أن يكون سببًا في نشر الوعي عنها وتقاعسَ عن ذلك!!