أبطال “قادرون باختلاف” واجهوا التحدي وحولوا المحنة إلى منحة
لم تكن المحنة يوماً ما شيئا سوى منحة، لمن يدركها و يستغلها لصالحه، فالقدر لم يبتسم لمن يستسلم، و يتقمص دور الضحية بل لمن حطم قيود صعوباته؛ ليحقق ما يظنه الجميع مستحيلاً، لكن متى يتقبل المجتمع التحديات المرئية دون شفقة، أو تنمر، و الوعي بأن الاختلاف ليس اختلال؟
الزعنفة الشراعية بنسختها الآدمية
تمكن بطل مصر العالمي أيمن صبور من تحطيم قيود التوحد؛ ليثبت أن الإعاقة هي إعاقة الفكر فقط، قررت الأم القيام بتجربته ممارسة السباحة؛ لأنها لاحظت تدريب معلم التربية البدنية للأطفال في المدرسة على جسد ألبطل؛ لقوة بنيانه؛ بهدف تحسين مزاج الطفل المضطرب دائماً، كذلك نظرتها المستقبلية له في تحقيق هدف يساعده على جعل الجميع حوله، و بعد ثلاثة أشهر أثبت البطل حبه للسباحة، و حقق البطولة على يد كابتن كريم المصري ثاني جندي مجهول في حياة البطل بعد المرأة الحديدية إيمان رشاد والدة البطل، التي صارعت صعوبة تقبل المجتمع للاختلاف الذي يتم مقابلته بالضغط، خاصةً التحديات الخفية، كالتوحد، كذلك عدم دعم ذوي الهمم سوى عند تحقيقهم البطولات، و إعانة بطلها الصغير على تفهم تحديه الخاص، كما تنير له الأضواء الزرقاء في اليوم العالمي للتوحد، و تجعله يركز على أهدافه الأكاديمية و الرياضية حتى تمكن البطل أن يمثل مصر في مختلف البطولات، بالإضافة إلى تدريبه مع رياضيين أسوياء و ذلك قلما يحدث، كما تطمح بأن يكون أول بطل عربي و إفريقي ذو تحديات ذهنية خاصة S14 يحقق ميدالية أولمبية، بالإضافة إلى توفر رعاة رسميين؛ لمساعدته على تحقيق المزيد.
صنف اللاعب في السباحة S14 _لأول مرة مع الاتحاد المصري للتحديات الذهنية_ بطولة العرب و شمال أفريقيا 2014 بمشاركة 23 دولة؛ ليكن حينها أصغر لاعب في البطولة و بأفضل ترتيب، ثم حصل على ذهبية بطولة أبو ظبي 2019، رابع بطولة العالم بفرنسا 2019 (200 ريست و 400 متنوع) و ذهبية 100 حرة؛ متفوقاً على لاعب أمريكي و آخر إسرائيلي و يصادف هذا اليوم مولده؛ لذلك فهي البطولة الأقرب لقلبه، كل ذلك على يد المدرب الفني طارق لبيب، أما عن الجانب المحلي فقد مارس البطل ألعال القوة، الوثب، والفروسية، و حقق تفوقه فيهم، لكنه فضل السباحة، فقد شاركت الجامعة لأول مرة في بطولات الجامعة من خلال أيمن، و تم تكريمه من العميدة الدكتورة منال، و أشادت به؛ لجعل المعهد العالي للسياحة و الفنادق حديث الناس و ذو مكانة.
كما تعرف البطل على خطيبته رحمة التي تعاني من قصور ذهنية عن طريق ممارسة السباحة، حيث كانا يتشاركان ذات الفريق _نادي وادي دجلة لذوي الهمم_ كذلك معهد السياحة و الفنادق، و قاما بتجربة التدريب في فريق للأسوياء معا خارج النادي، فأصبحا يتقاسمان كل شيء سويا، حتى تمت الخطبة بينهما. كما أن للبطل شقيق آخر بنفس التحديات لديه 22 عاماً بطل الجمهورية في السباحة، لكنه من التوحد الكلاسيك القادر على التواصل، و التعبير عن حضوره و مشاعره، لكنه نادر الحديث.
اقرأ أيضًا: شريف عثمان أسطورة منصات التتويج البارالمبية
مصنع ميداليات الخماسي الحديث
علي محمود بطل منتخب مصر في الخماسي الحديث ابن محافظة القاهرة، البالغ من العمر 24 عاماً فقط، و الذي ولد بمشكلة بالعمود الفقري، أثرت على الجزء السفلي المسؤول عن الحركة؛ ليبدأ رحلة العلاج المائي 2008، و يطالب مدربه بالمشاركة في البطولات؛ ليحصد ذهبيته الأولى بعد سنة؛ ثم يحقق أكثر من 50 ميدالية، كذلك ممارسته سلاح الشيش، الرماية، و ماراثون الكرسي؛ متخطيا هراء من اتهموه بالجنون؛ فقط لتحدياته المرئية!، فكيف لشخص أن يسبح بيداه فقط!! و التي كانت سبباً في امتناعه عن التدريب العديد من المرات؛ معللاً أننا من نتحكم في نظرتنا و تفكيرنا، فلا نعالج قضية إلا إذا أردنا ذلك، لكننا من نلقيها على شماعة المجتمع، بالإضافة إلى إصاباته، و عملياته الجراحية المتكررة، و عدم توفير الرعاية الطبية، النفسية، الدعم المالي، كذلك تأهيل الأندية و الأماكن أو فرص العمل له، فأخد يستعد لبطولاته كأنها الأولى كل مرة؛ فالإنجاز يكمن في الاستمرارية و ليس الوصول؛ فاضحًا العقم الفكري الكامن في المجتمع.
برعم بحري جديد
البطل الصغير حسن ابن محافظة الإسكندرية، البالغ من عمره 12 عاماً فقط، و الذي تغلب على قيود الصلب المشقوق “الشلل السفلي” في الخامسة من عمره، و مارس السباحة باسم مؤسسة الحسن وفقاً لنادي البنك الأهلي منذ 2019، متخطيا نظرة المجتمع العقيمة له، فأخذت تتردد تعليقات للأم “إزاي ماشية في الشارع بابنك المعاق كدة؟ مش مكسوفة؟!!” كذلك صعوبة تعليمه؛ لرفض مديرة المدرسة دخول الطالب رغم أن ذكائه تعدى ال 60%، كذلك رفضها نقل فصل الطفل للدور الأرضي، و حصوله على مكان في أتوبيس المدرسة؛ لاحتلاله أكثر من مكان، _حتى تدخل نائب وزير التربية و التعليم الذي أنهى الأمر لصالح الطفل_ محققاً أكثر من 10 بطولات، بالإضافة إلى قدرته على عزف الكمان، و ممارسة كرة السلة جلوس، و مشاركته في ماراثون الشيخ زايد التي تنظمه الإمارات، بالإضافة إلى طموحه لتمثيل منتخب مصر يوماً ما؛ لتتغير نظرة المجتمع تجاهه و يصبح مصدر إلهام لهم و ينتهجون نهجه.
مشروع ونش بارالمبي جديد
على ذات النهج تغلب البطل أحمد طلعت على قيود الصلب المشقوق؛ راغباً في احتلال مكانة بين أبطال قادرون باختلاف؛ متحدياً نظرة المجتمع المتنمرة المهتمة بالمظاهر، و غياب العقلية الواعية الممزوجة بالسخط، و عدم تقبل الاختلاف، كذلك عدم تأهل الأماكن، فرص العمل، و عدم قدرته على الاعتماد على ذاته بتكثيف التمارين، و اتباع حمية غذائية قاسية؛ ليبدأ في 2018 بـ كمال الأجسام حتى تحددت ميوله تجاه رفع الأثقال؛ لكونها تشبه شخصيته العنيدة القوية التي لا تستسلم و التي تدرك تماماً أن الخطأ باهظ الثمن؛ ليحصل في ذات العام على مركز ثالث في كأس مصر بالمركز الأولمبي بالمعادي، ثم بعد سنة حقق وصافة الجمهورية مرتين، و الثالث في بطولة الجامعات مرتين، غير كونه صانعا لمحتوى رياضي لـ رفع الأثقال ذوي الهمم، “لو لم أكن من ذوي هذه الفئة، ما كنت أحمد طلعت”، فأصبح محط آمال و فخر المحيطين به.
اقرأ أيضًا: تحدى الظروف و الوصول للعالمية “الونش البارالمبي” قاهر الاستسلام
كرة الهدف بصيرة المكفوفين
بطل منتخب مصر لكرة الهدف عبد العزيز أشرف، الذي اختارته كرة الهدف؛ ليكن بطلها، و يرسل من خلالها رسالة أن المكفوفين معافين ذهنيا و جسدياً و سمعياً “إحنا محترفين”، متحدياً عدم توافر الإمكانيات، و ندرة أماكن ممارسة اللعبة على مستوى الجمهورية، بالإضافة إلى غلاء سعر أدوات اللعبة؛ لاستيرادها من الخارج مقابل ضعف العائد المادي، كذلك عدم اقتناع المحيطين باللعبة؛ لكونها مجرد لعبة مستنزفة للوقت و الجهد؛ محققاً بطولة المدارس، بطولة الجامعات، بطولة الاهرام الدولية، بطولة أمم إفريقيا 2023 المؤهلة لباريس 2024، مركز رابع العالم بطولة برلين جول، بطولة السوبر المصري، برونزيتي الدوري العام، و فضية الاهرامات الدولية 2022، أما عن إنجازاته الفردية: فهو هداف بطولة المدارس، هداف الجامعات، هداف الأهرامات 2022، هداف الدوري العام 2023- 2024، بالإضافة إلى كونه أفضل لاعب في بطولة السوبر المصري؛ لتصبح العوائق لهيب الطموح و تحقيق الإنجازات، طامحا أن يكون لكل رياضة من رياضات ذوي الهمم اتحاد يجمعهم مع الأسوياء.