عدسة

الدمار.. هو ما يجرفه لنا السيل

كتبت: شروق جلهوم

مهما كان الجبلُ ثابتًا وراسخًا، فإنه لن يستطيع أن يمرَ مرورَ الكرامِ أمام غضب السَّيل، حتى وإن لم يُهدم فالتأكيد هناك جزء منه سَيُكسر ويُفْقد للأبد، أو سيُخْرِج ما بداخله من عقارب وحيَّات؛ ليظهر ما في جوفه أمام الملأ. رواية “جرف السيل” هي رواية للكاتب والطبيب المصري/ محمد سعيد شهاب الدين، صدرت الرواية في (2015)، وحصلت هذه الرواية على جائزة نادي القصة، ونوقشت لأهميتها في المجلس الأعلى للثقافة، والمركز الثقافي المصري، وكذلك في اتحاد كتاب وسط الدلتا.
تدور أحداث الرواية في جنوب مصر بسمرته الأصيلة، في قرية ُتُدْعىٰ “الجبل”، وقد نصَّب أهلها الشيخ/ محمود أبو ظفَّار -الذي يطلق عليه لقب “سيد الجبل”- سيدًا عليهم وحاميًا لهم، بلغ الشيخ/ محمود من النفوذ والسلطة مبلغًا لا يضاهيه فيه أحد، ومن بين عزوته وعائلته الكبيرة، لا يعادله في صفاته ونفذوه سوى ابنه “سلطان”، ولكن هل سيظل نفوذ وسلطة الشيخ/ محمود وعائلته دائمًا؟ أم أن السيل سيجرف هذا الجبل في يوم من الأيام؟ ويا تُرى على يد من يأتي هذا السيل؟

رواية “جرف السيل”

وفي هذا الصدد، قال الكاتب والناقد/ محمد عبد الحميد دغيدي أن رواية جرف السيل جاءت في (2015) بعد ثورات الربيع العربي، وبعد أن مرَّت مصر بمرحلة غير مستقرة -بخلاف ما نعيشه الآن من أمن-؛ فظهرت هذه الرواية لتعالج مشكلة الأمن عند المواطن، وتطرح عدة أسئلة هل الأمن مسئولية الدولة وحدها؟ أم مسئولية المواطن؟ أم مسئولية ناس موكلين بمهمة الأمن؟ وكيف هؤلاء وما سماتهم؟ وهل نتيجة توليهم الأمن يعطيهم إمتيازات خاصة؟

يرى الناقد أن الروائي لديه براعة استهلال، حيث بدأ في الفصل الأول والمعنون بالجبل، بوصف الجبل وهيبته وطقوسه الغريبة وهيئته متعددة الأشكال وأحواله التي يغلب عليها القسوة والشدة والتي تؤدي في النهاية إلى الخراب والتدمير، وبهذا الاستهلال يشير الروائي إلى إمكانية حدوث سيل يؤدي إلى تهدم جزء من الجبل فيجلب معه الخراب والهدم، ولهذا سميت الرواية ب”جرف السيل”، ويرى الناقد أن الكاتب تأثر في الرواية بمدة خدمته في قرية تابعة لمحافظة الأقصر وكون هذه القرية قريبة من الجبل؛ فربط الكاتب بين الشتاء وما يفعله في الجبل وروايته.

قال الناقد أن الكاتب أجاد الوصف حيث يتحول بعد الحديث عن الجبل إلى وصف المدينة والقرية والحاجر، ويسرد لنا الكثير عنها، ويخبرنا عن القصر المنيع الواقع في مقدمة القرية والذي يخص الشيخ/ محمود، كما جاء الكاتب أيضا بوصف سلطان ابن الشيخ محمود والولد الأقرب له في الصفات، كل هذا الوصف جاء بشكل يبرز براعة الكاتب وحسه الأدبي.

ويرى الناقد أن إحدى مميزات الرواية أن الكاتب أبرز أن الأدب ليس مجرد جماليات، وإنما فِكر وأن يثير في ذهن القارئ مجموعة من التساؤلات ويدفعه للتفكير، فلذة العقل في التفكير، ولذة القلب في الشعور والوجدان وقد نجح الكاتب في الجمع بينهما. تمتاز لغة الكاتب وفق تصريح الناقد/ محمد دغيدي بأنها لغة رشيقة، فيها بلاغة آثرة، حيث أنه متمكن من لغته صانعًا بها لغة تعبيرية، كما يمتاز أسلوب الكاتب بالتنويع في مسألة الحكي والسرد، فأحيانًا يذكرها كعملية سردية، وأحيانًا تكون على شكل عملية استرجاع الذكريات.

وفيما يتعلق بغلاف رواية جرف السيل، كان الكاتب مهتم بالغلاف لأنه عمله الروائي الأول، فكان الغلاف تعبير عن الجو المشحون للرواية، واستخدم اللون الأزرق الدال على الغموض في تصميم الغلاف، كما يظهر في الغلاف جبل باللون الأسود مكتوب عليه كلمة جرف السيل باللون الاحمر تسيل منها نقاط تعبر عما تحتويه الرواية.

بينما ملاحظاته على الرواية، أن هذه الرواية رواية مضامين وليست رواية شخصيات، فالشخصيات البارزة في الرواية هي شخصية الشيخ محمود وشخصية عشيقته تريزا، كما يؤخذ عليها قلة مساحة الحوار بالقياس مع حجم الرواية، واتجاهه إلى الوصف مستخدم براعته، ويظهر في الرواية ولع الكاتب بالحكي، كما يظهر في الرواية عدم انفصال الكاتب عن مهنته كطبيب، فهناك مصطلحات طبية تظهر خلال السرد

-رواية “جرف السيل” – محمد شهاب الدين – عن دار برصة الكتب للنشر والتوزيع – 2015

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى