عدسة

الدكتور حازم جلهوم عاشق الأدب واللغات: الإذاعة أكبر مؤثر وداعم في حياتي وأتمنى امتلاك مكتبة أنيس منصور

في محافظةِ المنوفيَّة -وخصوصًا في عام (1974)م-، نبتت زهرةٌ أصيلة، لم يكن يُعْرف أن هذه الزهرة ستكون زُخْرًا للعلم، وستُسخر حياتَها كلها له، وستقضي بين مجلداتِ الكُتب جلَّ عمرها إلى الحد الذي يُرهق البدن، قصدت تشبيهه بالزهر؛ لحُبِّه للزهورِ وكل ما هو جميل. هو الدكتور حازم جلهوم، أستاذ اللغة الإنجليزية بكلية الآداب جامعة المنوفيَّة، والأمر ليس مقتصرًا على هذا فحسب، بل هو مترجمٌ، وكاتبٌ أيضًا، له العديد من المجموعاتِ القصصيَّة، بلغ عدد قصصه (360) قصة.

وفي بداية حديثنا معه أردنا أن نعود بالزمن للوراء، ونرجع لمرحلة ما بعد الجامعة، ونسأله عن السبب الذى دفعه لاستكمال الحياة الأكاديمية والحصول على الماجستير والدكتوراه؟

رد قائلًا: “السبب فى ذلك هو رغبتي فى التفوق الدراسي منذ المرحلة الثانوية ودراسة اللغات، حيث كنت أرغب فى الالتحاق بكلية الألسن، لكن لم أُوفَّق فى ذلك، وشاء القدر أن التحق بقسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب جامعة المنوفية (1991)م، وأنا من الأشخاص الراضية بشكلٍ تام عن مسار حياتها حيث حققت ما كنتُ أطمح إليه وأكثر”.

تحدثنا أن ما حدث معه يحدث للكثير من الطلاب، فهم يرغبون شيء، لكن المجموع يرغمهم على شيء آخر، فسألناه عن النصيحة التي يواجهها لمثل هؤلاء الطلاب؟

قال: “من غير الصحيح الإصرار على شيء واحد فى الحياة -مثل نوع واحد من الطعام-، فعلى الرغم من عدم رغبتي في الالتحاق بكلية الآداب، لكن استطعت تحقيق التفوق والنجاح فى الباب الذى كتبه الله لي”.

وبالحديث عن حبِّهِ للغة الإنجليزية، وكيف يراها؟

رد قائلًا: “اللغة الإنجليزية تعدُّ مفتاحًا للعديدِ من الأبواب، وقد بذلك الكثير في سبيل ما أنا عليه الآن، ومن الأهداف التي كنت أسعى إليها، هي ترجمة الكلمات التى ليست لها مقابل فى اللغة العربية -كخدمة للغة العربية-، وقد كتبتها في كتاب ” كلمات لها تاريخ” وكذلك الطبعة الجديدة من معجم ” كلمات أجنبية فى الفصحىٰ والعامية “.

ولأنه شخصٌ متعدد الأنشطة ما بين الكتابة والترجمة والتدريس، سألناه كيف ينظم وقته ما بين كل هذه الأنشطة؟أجاب الدكتور: “كنت أتمنى لو كان اليوم (60) ساعة، ولأنه لم يكن كذلك، كان الحل هو عدم تضييع الوقت؛ فكرَّستُ وقتي في قراءة الكتب، وكان من أهمها كتاب “الخالدون مائة”، فهذا الكتاب ساعد في تشكيل شخصيتي”.

كل شخص ناجح يواجهه أشخاص محبطون، فسألناه كيف تعامل مع هذا النوع من الأشخاص؟

تذكر ما واجهه وقال: “الصلابة النفسية والعند من أهم عوامل تخطي تلك المواقف، طالما لديك هدف فعليك تحقيقه”.

وبعد هذا السؤال كان لا بد أن نسأله عن الداعم في حياته؟

رد بابتسامة: “الإذاعة هي أكبر مؤثر وداعم في حياتي، فالإذاعة وبرامجها كانت الأساس في نشأتي الأدبية”.

ولأنه دائمًا ما يتحدث عن برنامج “زيارة لمكتبة فلان”، كان السؤال التالي من الشخص الذي تريد امتلاك مكتبته؟

جاء الرد -فورًا-: ” أنيس منصور”          

كان السؤال التالي، كيف نمى الدكتور حازم موهبته في الكتابة، خصوصًا أنه أدرك هذه الموهبة في سن مبكر؟

رد قائلًا: “القراءة هي التى تُنمِّي مخزون الإبداع لدى الكاتب”

 ولأن أغلبية كتبه مجموعات قصصية؛ سألناه لماذا القصة القصيرة وليست الرواية؟

أجاب: “لأن القصة القصيرة مُتماشية مع نفسيتى، فالرواية الطويلة تحتاج مبدع فى حالة إبداعية لمدة عام أو أكثر، وفي ظل هذا العصر السريع غير ممكن للكاتب الدخول فى الحالة الإبداعية أكثر ثلاث أو أربع دقائق”.

ثم عاد الحديث إلينا مرة أخرى؛ لنسأله عن ما يشهده الكُتَّاب من انقطاع للإلهام، وكيف يتعامل هو مع انقطاعه؟

قال واصفًا: “هذه الفترة من أسوأ الفترات التي قد يواجهها كل كاتب وكل مبدع عمومًا، وتعدد أسبابها الخارجة عن إرادة الإنسان مثل: (الإجهاد الجسدي والنفسي وانشغالات العمل والحياة)، وأنا أفضل العمل مع صفاء ونقاء ذهني، ويمكن أن أصف الإلهام بأنه كإرسال الراديو، عندما يكون الإرسال جيدًا سَيُسْتقبل الإلهام جيدًا”.

تحدثنا بعد ذلك عن وجود الكثير من الأشخاص الذين يكتبون على مواقع التواصل الاجتماعي، ويَدَّعون أنهم كُتَّاب؛ فسألناه متى يمكن أن يطلق المرء على نفسه كاتبًا؟

رد قائلًا: “يحكم هذه النقطة معيارين: أحدهما كَمِّي حيث إذا كتب الشخص قصة واحدة أو ديوان واحد أو قصيدة واحدة لا يُطْلق عليه كاتب أو شاعر، يجب أن يكون له أكثر من ديوان أو رواية، أما العيار الآخر هو الكيف، وهو الأهم حيث يشمل المضمون الذي يُقدَّم، وهل هو عمل ذو قيمة”.

سألناه عن ما النصيحة التي يوجهها لمن دخل مجال الكتابة مؤخرًا؟

قال: “يجب عليه القراءة والتعمق لعدم الكتابه بسطحية أو بشيء من السفه، وذلك لأن الكتابة تعتبر مسؤولية، والقلم الذي تكتب به مسئول عن أجيال ستتأثر بما ستقرأه من أعمالك، لذا يجب الإحساس بالمسئولية”.

وفي ظل توجه عدد من البلوجر للكتابة، كان لا بد أن نسأله عن رأيه في هذا التوجه؟

رد قائلًا: “لا مانع في ذلك طالما أن محتوى الكتابة المُقَدَّم جيد، أما إذا كانت كتابتن ضعيفة وغير هادف؛ فليس لها أي داعي، والعمل على تقديم ما هو هادف للمجتمع”.

فما رأيك في لجوء الكُتَّاب للترويج لأعمالهم من خلال البلوجر؟

قال: ” أيضًا لامانع من الدعايا والإعلان بما أنه يحمل جانب إيجابي ومفيد، فالأهم هو النتيجة المترتبة على ذلك، وهي جذب أكبر عدد من القراء؛ وبالتالي تكون حققت هدف جيد من ترويج البلوجر”.

ونحن لا نزال في جزئية الكتابة سألناه عن أقرب عمل من أعماله لقلبه؟

رد ،مبتسمًا،: “القصة الأخيرة “زنابق اللوتس فى كفر طنبدى” لما تشمله من معرفة وهدف ومعلومة، بالإضافة إلى المرح وهذا النوع الذي أميل إلى كتابته”.

هل يوجد موقف في حياتك بنيت عليه قصة قصيرة ؟

قال -بابتسامة تحمل في طياتها الموافقة-: “الكثير من أعمالي حوالى (100) قصة مستوحاة من حياتي الشخصية، منها قصة جديدة له اسمها “مجمعُ اللغةِ العربية المُوقَّر”.

انتقلنا بعد ذلك لمسألة اختلاف المستوى الثقافي بين الجيل الحاضر والأجيال الماضية، وأن النتيجة في هذه المقارنة تعود بالايجاب للجيل الماضي، فسألناه لأي سبب يرجع هذا الاختلاف؟

قال -موضحًا-: “ذلك بسبب تغيُّر الأحداث ما قبل عام (1990)م، وما شهدته “مصر” من أحداث سياسية؛ رجَّت المجتمع، وأيضًا التغيرات في الأوضاع والإمكانات، وبالرغم من ذلك كان هناك نوع من الحفاظ على اللغة والثقافة والتراث والمعالم والأصول والعادات والتقاليد. وما بعد عام (1990)م، ظهور الإنترنت والقنوات الفضائية؛ وبالتالى حدوث انفتاح عالمي وإتساع الرقعة السكانية والعمرانية؛ مما أدى الى حدوث تفكك قيم المجتمع”.

لأنه يذهب كثيرًا إلى قصر الثقافة -لكونه عضو في نادي الأدب هناك- ويحدد أغلبية مقابلاته فيه، كان الحديث عما يمثله قصر الثقافة به واجبًا.

وفي هذا الصدد قال -واصفًا-: “هذا المكان يشبه بيت ربَّات الجمال، وذلك لما تعيشه داخله من متعة بالفنون المتنوعة الموجودة فيه، فهو يمثل كل مصادر البهجة”.

سألناه ما الذي تحتاجه قصور الثقافة لكي يكون تأثيرها واضح؟

قال: “الدولة لم تُقصِّر، فقد تمَّ تجديد القصر وتجهيزه بأفضل الإمكانيات -وفي وقت سريع-، فلومي الوحيد على الأفراد؛ لعدم تثقيف عقولهم وعدم التفاعل مع كل الإمكانيات المتاحة لهم”.

وكان الختام بسؤال افتراضي، نتخيل بأن اليوم هو آخر يوم لك في جامعة المنوفية، وغدًا ستنتقل للعمل في جامعة أخرى، ماذا تحب أن تقول لطلابك في آخر محاضرة لهم، ومع أي فرقة تفضل أن يكون الختام؟

رد مفكرًا: “أفضل أن يكون الختام مع طلاب الفرقة الرابعة؛ لأنهم سيخرجون من الملاذ الآمن إلى عاصفة الحياة، لذلك أنصحهم بتحديد هدفهم، كما أنصحهم أن يضع كل شخص عينه على هدف في حياته ويسعى إليه بشدة، فالإنسان إرادة يجب عليه أن يبذل الجهد ليصل إلى مبتغاه”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى