تقرير: إيمان الشمبلي
أحياء كاملة سوت بالأرض، ودماء الآلاف من الشهداء لم تجف، ومعارك بطولية للفلسطينيين في وجه الاحتلال الإسرائيلي لا تتوقف، وفي القلب من كل هذا مصر بكل ما تملك من قوة ناعمة وغيرها للوقوف في وجه الاحتلال، والحفاظ على حقوق الفلسطينيين.
وباعتباره قوة ناعمة لا يستهان بها، تناول الفن المصري الصراع العربي الإسرائيلي متمسكًا بمواقف المحروسة تجاه فلسطين، والتذكير بالدعم غير المحدود لها، وطرح قضية عروبة القدس على رغم ما يحدث من تهويد لها.
توثيق درامي مستمر
مؤخرًا، نشأ أول تعاون بين شركة +DS، والشركة المتحدة للخدمات الإعلامية؛ لدعم القضية الفلسطينية من خلال مسلسل «مليحة»؛ وهو عمل تلفزيوني مصري مكون من 15 حلقة من إخراج عمرو عرفة، وتأليف رشا الجزار، وبطولة دياب، وميرفت أمين، وأشرف زكي، والفلسطينية الفنانة سيرين خاص، وغيرهم من الفنانين.
تدور أحداث المسلسل حول فتاة فلسطينية تدعى مليحة تعيش في ليبيا مع أهلها بعد تهجيرهم عقب أحداث الانتفاضة الثانية سنة 2000، فقرروا الرجوع لقطاع غزة، ولأرضهم مرة أخرى بعد وفاة والديها بالحرب الأهلية في ليبيا عام 2012 مرورًا بمصر، ومواجهة العديد من الصعوبات.
لم يغفل المسلسل إبراز تصدي الجيش المصري ببسالة أمام محاولة دخول الإرهاب عبر الحدود المصرية، ومساندة مصر لفلسطين شعباً وجيشاً.
وبدأ عرض المسلسل في النصف الثاني من شهر رمضان 2024، وشرعت أولى حلقاته بسرد قصة قصيرة لمعاناة أرض الزيتون وأهلها، وتوثيقها بلقطات أرشيفية للأحداث منذ عام 1897 حتى ذلك الحين. كما نقل المسلسل مشاهد حية للقطاع بعد تدميره من قبل جيش الاحتلال إبان الحرب التي شنتها إسرائيل، وبدأت منذ السابع من أكتوبر 2023 ولا يزال العدوان مستمرًا، ووصفها الاعلام العالمي بأنها «حرب إبادة جماعية» ضد الفلسطينيين.
في حديثه مع «تلسكوب 60»، قال نقيب المهن التمثيلية، الفنان أشرف زكي حول أهمية هذا العمل كونه أول مسلسل مصري يتناول دور مصر تجاه القضية الفلسطينية، وأهمية الاستعانة بفنانين فلسطينيين، ودول عربية شقيقة.
أضاف زكي أنه لم يتردد إطلاقًا في قبول الدور في المسلسل؛ حينما تم عرضه عليه كما توقع نجاح العمل على شاشات التليفزيون قبل عرض المسلسل.
كان العمل ملئ بالمشاهد الإنسانية والمؤثرة، وقال: «أصعب وأكثر مشهد أثر في هو حواري مع مدام ميرفت أمين لما عرفت إن مراتي عندها سرطان».
كليب “أصحاب الأرض” مهدد بالحذف….
ثاني الأعمال؛ هو كليب «أصحاب الأرض» من غناء الفنانة أصالة بالتعاون مع فرقة أكابيلا مصرية، وانتاج أنس نصري، واخراج عادل رضوان؛ وهو تتر البداية لـ«مليحة» لكن تم صدوره كعمل مستقل قبل عرض المسلسل بيومين، وتفاجئ صناع العمل؛ بأن الأغنية مهددة بالحذف بعد طرحها، وتلقت إنذارات لحذفها.
يحتوي الكليب على الكثير من الشفرات، والدلائل المهمة، وتشير إلى اقتراب بداية النهاية للكيان المحتل؛ حيث يجمع بين المشاهد التمثيلية، والرقص التعبيري البسيط، والمعبرعن القضية، واستخدام الترويدة الفلسطينية أو ما يُعرف بفن المُلالات؛ وهو نوع من أنواع الفلكلور الفلسطيني، وكانت تستخدمه نساء فلسطين؛ لنقل رسائل مشفرة لأزواجهن داخل المعتقلات؛ حتى لا يفهم جنود الاحتلال معناها؛ إذ يتم إضافة حرف اللام بعد كل كلمة بشكل متكرر.
بدأ الكليب بوصف الخراب؛ الذي ألحقه الكيان بالأرض، ومدى صمود، وترابط أهلها، وإيمانهم باقتراب بداية النهاية لليهود، وأشار لذلك بسورة «آل عمران» من القرآن الكريم،وتسليط الضوء على أشهر، وأهم ثلاث لوحات لتشبيه معانيها بما يحدث للشعب الفلسطيني؛ حيث تم تجسيد أول لوحة رُسِمَتْ للسيدة العذراء، وطفلها وسط الخراب، ولوحة الصلاة الأخيرة في المسيحية قديما، واللوحة الثالثة وهي جدارية الحج إلى نافورة سان إيسيدرو وترمز إلى لوحات كوارث الحرب في ذلك الوقت، والإشارة لتحطيم الكيان الصهيوني.
كما تم تجسيد حنظلة في الواقع لأول مرة، واستمرار المقاومة، والقضاء على الاحتلال الغاشم مع توضيح وقوف مصر وتضامنها مع القضية منذ بداية الاحتلال،وظهر ذلك في مشهد تحطيم إله الحرب «مونتو» لدى قدماء المصريين للعجل الذهبي رمزاً للعجل الذي بناه السامري قديماً،وخروج فتاة فرعونية أمام معبد جنائزي، وتظهر نقطة اتصال بينها وبين حنظلة تحت الأرض، وفي الختام يرفرف صوت الشاعر «فارس قطرية» بقصيدة مؤثرة عن المقاومة،وتخيل مستقبلي لعودة الأرض لأصحابها.
انتقاد الإعلام الإسرائيلي
تعرض المسلسل، والتتر لانتقادات في الإعلام الإسرائيلي، ونشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» مقالاً عنهم، زاعمة أن مصر تعمل على تشويه صورة إسرائيل في العالم العربي، وإثارة الرأي العام.
بدوره، قال الفنان دياب أثناء استضافته ببرنامج «ع المسرح» إنه شرف له انتقاد العمل في الصحافة الإسرائيلية، ووجهت الفنانة«سيرين خاص» شكرها للرئيس عبدالفتاح السيسي خلال تقديم فعاليات حفل إفطار الأسرة المصرية، معربة عن سعادتها إثر مشاركتها بمسلسل مليحة، ونقل الفن المصري لقليل من معاناة الشعب الفلسطيني، واستمرارية دعم الفن المصري للقضية؛ لتوعية الأجيال القادمة، والتأكيد على أنها ليست قضية شعب؛ إنما قضية أمة تحت شعار القدس عربية.
