كتبت: أسماء الشاذلي
تنهض مصر من رماد الأزمات الاقتصادية كطائر “الفينيق” حاملة معها بشائر النمو والازدهار، كأنها سفينة عملاقة تبحر بخطى ثابتة نحو آفاق رحبة، وعلى متنها آمال شعبها وتطلعاته نحو مستقبل واعد، وتأتي توقعات صندوق النقد الدولي لترفع الستار عن بوصلة الاقتصاد المصري مشيرة نحو مسار مشرق.
كشف صندوق النقد الدولي عن توقعات إيجابية من خلال تقرير آفاق الاقتصاد العالمي، والذي يعد من أبرز التقارير التي يصدرها صندوق النقد الدولي، ويعرض من خلاله آراء وتوقعات خبراء الصندوق بشأن الاقتصاد العالمي. وتوقع الصندوق أن يحقق الاقتصاد المصري نموًا تصل نسبته إلى 4.4% خلال عام 2025 بعد أن كان 3% في عام 2024، و3.8 % خلال العام الماضي.
يعد هذا التوقع بارقة أمل بالنسبة للاقتصاد المصري، خاصة بعد الأزمة الشديدة التي عاناها في الفترة الماضية وعلى الأخص خلال العامين الماضيين، بسبب حدوث فجوة دولارية واضطراب في سوق الجنيه أمام الدولار، وعدم استكمال الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وانخفاض التصنيف الائتماني، بالإضافة إلى حالة التوترات الجيوسياسية التي يعانيها الشرق الأوسط، وخاصة الحرب الإسرائيلية حرب الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة.
لكن استطاعت الدولة من خلال جهودها المستمرة أن تستعيد ثقة العالم مرة اخرى بالاقتصاد المصري وبالإجراءات التي تتخذها الحكومة، ومنها توحيد سعر الصرف والذي يعتبر من أهم الاجراءات التي تمت خلال الشهور الماضية، وزيادة التدفقات النقدية بالعملة الأجنبية من خلال صفقة رأس الحكمة، مما أسهم في زيادة ثقة صندوق النقد، وموافقته على زيادة قيمة القرض المقرر منحه لدعم الاقتصاد المصري من 3 مليارات دولار إلى 8 مليارات دولار بزيادة قيمتها 5 مليارات دولار.
توقعات تقرير آفاق الاقتصادي العالمي نقطة التحول في مسار الاقتصاد المصري، حيث توقع حدوث انخفاض تدريجي للدين المصري الخارجي خلال السنوات المقبلة، وتراجع معدلات التضخم سنويًا، وحدوث انخفاض في معدلات البطالة، حيث تراجعت تدريجيًا لتصل إلى 7% مقارنة بالسنوات الماضية والتي تجاوزت 13%.
كما أن هذه التوقعات ستعمل على تسهيل طرح الحكومة للأوراق المالية من خلال السندات، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة لهذه السندات، وتغيير نظرة مؤسسات التصنيف الائتماني للاقتصاد المصري من سلبية إلى إيجابية، كما أنه من المتوقع أن يكون هناك ترقية لمستوى التصنيف الائتماني.
وتستمر الدولة في مساعيها للنهوض بالاقتصاد، وذلك من خلال تحفيز القطاع الخاص وتوسيع المجال أمامه، فحجم الاستثمارات التي ينفذها القطاع الخاص تصل إلى 35%، وتهدف الدولة إلى رفع هذه النسبة إلى 68% من اجمالي الاستثمارات المنفذة خلال السنوات الست المقبلة، وسيعمل توسيع المجال أمام القطاع الخاص على زيادة فرص العمل وبالتالي ارتفاع معدلات التوظيف، حيث يلتحق بسوق العمل سنويًا من 800 ألف إلى مليون خريج، وتهدف الدولة من خلال ذلك توفير مزيد من الوظائف، وبالتالي تقليل معدلات البطالة، وزيادة عملية الإنتاج والتصدير، وبالتالي السيطرة على التضخم وارتفاع الأسعار، وحدوث حالة من الرواج الاقتصادي.
تميز الاقتصاد المصري أيضا بتنوعه في المجالات الاقتصادية المختلفة، وتركيزه على القطاعات الاستثمارية الرئيسية كالزراعة والصناعة وتكنولوجيا المعلومات والاتصال والبنيه التحتية والطاقة المتجددة، بالإضافة إلى اهتمام مصر بمجال توليد الطاقة سواء الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، حيث تحتوي مصر على عدد كبير من محطات توليد الطاقة مثل محطة “بنبان”، التي تعد أكبر محطة لتوليد الطاقة الشمسية في أفريقيا، ومحطة الضبعة النووية، ومحطة الرياح بالزعفرانة وجبل السويس، وكل ذلك يتيح لمصر الفرصة بأن تكون مركزًا إقليميًا وعالميًا لإنتاج الطاقة النظيفة، ومركزًا إقليميًا وعالميًا للنقل واللوجستيات، والخدمات المتعلقة بالموانئ عبر 18 ميناء موجودة بمصر، وهذا يزيد من وضعها الاقتصادي والريادي في العالم.
لذلك من المتوقع أن تحتل مصر مكانة مرموقة وسط الاقتصاد العالمي خلال السنوات المقبلة، وذلك في ظل جهودها للتقدم وسعيها لإعادة الأمجاد المصرية والتأثير في العالم أجمع من خلال خطوات صائبة في طريق التقدم والرواج، وفي ظل رؤية مصر 2030 والتي تطمح فيها بأن تكون الدولة في أعلى منازلها، وأن تكون قد تربعت على عرش الاقتصاد العالمي، وأصبحت مركزًا رئيسيًا للتصدير في العالم سواء للمنتجات الغذائية أو الصناعية او الطاقة وغيرها، لذا تعد توقعات صندوق النقد هي نقطة البداية نحو مستقبل واعد، فالاقتصاد المصري يقف على أعتاب مرحلة جديدة من النمو والتطور.