المخدرات الرقمية.. شفرة الموت البطيء في عصر الديجيتال
سلمي سعيد ناجي – الاء البري- امنيه خالد
تتعقَّد المهام الوالدية يومًا بعد يوم، وتصبح التربية السليمة أصعب مع كلِّ تحدٍّ جديد يدخل إلى عوالم الأبناء، فمن خطر رفاق السوء والتدخين إلى المخدرات والأفلام الإباحية وصولاً إلى كارثة جديدة هي “المخدرات الرقمية” ، التي أصبحت مصدر رعب لأولياء الأمور خوفًا من وقوع أبناءهم في براثنها.
عادة كان منظر المراهق المُستلقي في فراشه يستمع للموسيقى بواسطة سماعتي أذن مشهدًا مطمئنًا للآباء، أمَّا اليوم فقد بات أمرًا مقلقًا بعد أن انتشرت مقاطع المخدرات الرقمية الصوتية على “يوتيوب” ومنصات التواصل الاجتماعي، وبدأت تجتذب الأطفال والمراهقين بشكل مخيف، وانتهزوا عدم وعيهم لذلك حتى تحول الموضوع إلى شكل إدماني في حد ذاته عليهم ، وأصبح من أعقد المشاكل التي يواجهها المجتمعات بشكل عام ومازالوا يبحثون عن حل لها.
ومع التقدم الكبير وثوره تكنولوجيا المعلومات وتطورها أيضًا، ظهر ما يعرف باسم (المخدرات الرقمية) التي استطاع فيها الإنسان أن يصل لمعرفه نتائج تعاطي المخدرات التقليدية، وتفاعلاتها على الإنسان داخل الدماغ مما أدى الي ابتكار طريقه جديدة لتحريك التفاعلات والتغيرات الكيميائية ولكن دون التعاطي الفعلي للمخدرات ،وانتشرت هذه الممارسات السلبية بين مجموعات كبيرة من الشباب والشابات والمراهقين.
يعد انتشار المخدرات في الفترة الأخيرة من أخطر العوامل المؤدية لهدم المجتمع بل وتحويله لمجتمع همجي نظرًا لتأثيرها على العقل البشري والصحة النفسية ،على الرغم من وجود أنواع للمخدرات إلا أن تأثيرها يختلف من نوع لآخر وفقاً لتقسيمها حسب طبيعتها ولونها وجداول قانون المخدرات وتأثيرها على الجهاز العصبي.
ما هي المخدرات الرقمية
يتم تعريف على المخدرات الرقمية بأنها مقاطع صوتية تحتوي على نغمات يتم الاستماع لها بواسطة سماعات الأذنين؛ ليتم بث ترددين مختلفين في كل أذن يقل أحدهما عن الآخر بجزء بسيط، فينشغل الدماغ بتوحيد الترددين وتتحفز خلاياه العصبية.
أضرار المخدرات الرقمية
أضرار المخدرات الرقمية لا تقل خطورة عن تأثير المخدرات التقليدية من الناحية النفسية والجسمانية، وهي تسبب الإدمان مثلها تمامًا؛ لذا من الضروري توعية الجيل الناشئ لأخطارها والسعي إلى توظيف طاقاته في جوانب مفيدة.
تعريف المخدرات الرقمية وأنواعها وأعراضها
تعددت تعريفات المخدرات الرقمية بشكل أوضح ومُفًسر لها في الكتب و مواقع التواصل الاجتماعي وفي جميع المصادر الأجنبية والعربية ومن قبل الأخصائيين النفسيين ومستشفيات الإدمان الذين اجتمعوا على تعريفها في سياق أنها عبارة عن مقاطع صوتية يتم تحميلها من خلال مواقع موجودة على الإنترنت وسماعها من خلال سماعات خاصة وعبر مكبرات صوتية، و تتكون من ذبذبات منشطة أو مهدئة لمراكز المخ والجهاز العصبي، وتختلف تلك الترددات في الأذن اليمنى عن الأذن اليسرى بمعنى إذا كان تردد الأذن اليمنى 100 هرتز فإن اليسرى تكون 70 وذلك حتى يقوم المخ بالموازنة بين الصوتين والعمل على توحيدهما والمساواة بينهما وتعويض ذلك الفرق من خلال زيادة إفراز هرمون الدوبامين المسؤول عن النشاط والسعادة ويعرف ذلك الجهد المبذول بالجرعة، ويدخل معها المتعاطي في نوبة استرخاء وهدوء ويشعر بتحسن في المزاج العام والرغبة في النوم، وتتراوح أسعار تلك المقطوعات من 3-30 دولار علي حسب الجرعة التي يتم الحصول عليها.
اكتشاف المخدرات الرقمية
تم اكتشاف المخدرات الرقمية عام 1893 من قبل العالم “هينريش دوف” وتم استخدامها عام 1970 في علاج مرضى الاكتئاب وبعض الأمراض النفسية الأخرى.
حيث يتعرض مستمع المخدرات الرقمية إلى مجموعة من أعراض المخدرات وهي :- حالة من الهدوء والاسترخاء.
- الانفصال عن الواقع.
- الدوخة والدوار.
- تنميل في الجسم.
- سرعة في التنفس وضربات القلب.
- الرغبة في النوم.
- رعشة في الجسم.
- الشعور بانسجام مع النغمات الصوتية.
سلوكيات تشير إلى إدمان المخدرات الرقمية
هناك عدد من السلوكيات تشير إلى إدمان الشباب للمخدرات الرقمية خاصة أن طريقة تعاطي المخدرات الرقمية:
تتطلب طقوساً معينة، فإذا لاحظها أولياء الأمور أو الأصدقاء على الشاب عليهم تحذيره منها فقد يكون بدأ الانخراط في هذا النوع من الإدمان دون وعي منه أو إدراك بخطورة ذلك .
وأهم ما يجب التحذير منه عند الملاحظة حرص الشاب على الوجود في غرفة إضاءتها منخفضة، وبعينين معصوبتين، مع ارتداء ملابس فضفاضة، وشرب الماء قبل البدء بعملية الاستماع للمقطع الصوتي.
أنواع المقطوعات الصوتية التي تحاكي تأثير المواد المخدرة
تم إطلاق أنواع مختلفة من المقطوعات الصوتية والتي تحاكي تأثير المواد المخدرة إلى جانب مقطوعات أخرى تمنح شعور بالراحة والاسترخاء مثل:
موجات الكحول
تهدف تلك المقطوعة إلى منح المتعاطي تأثير بالهدوء والاسترخاء يشبه ما يمنح الكحول عن تناوله.
موجات الأفيون
تعمل مقطوعة الأفيون علي شعور المتعاطي بالنشوة والسعادة والنعاس ومحاكاة التأثير الحقيقي لمخدر الأفيون.
موجات الماريجوانا
تعمل موجات الماريجوانا على تهدئة وظائف الجسم واحساس المتعاطي بشعور يشبه تدخين نبات الماريجوانا والدخول في حالة نشوة وهدوء.
موجات الكوكايين
عبارة عن مقطوعة تحمل نغمات منشطة للجهاز العصبي تعطي نفس إحساس الكوكايين وتولد شعور بالطاقة والنشاط.
موجات الجنسية
تمنح النغمات الجنسية للمتعاطي شعور بالنشوة الجنسية يماثل الحادث أثناء ممارسة العملية الجنسية والوصول للأورجازم.
موجات الترفيه
تقوم تلك المقطوعة الموسيقية بمنح المتعاطي شعور بالترفيه والسعادة كما لو أنه يعيش حالة من الراحة والسرور، وامتلاك كل ما يرغب فيه.
أسئلة شائعة عن المخدرات الرقمية وإدمانها.
إليك أبرز الأسئلة الشائعة عن المخدرات الرقمية
- هل تسبب الوقوع في الإدمان أم لا؟
- هل المخدرات الرقمية تسبب الإدمان؟
لم يسجل إلى الآن حالات إدمان على المخدرات الرقمية ولا توجد أبحاث علمية تدل على ذلك وإنما تأثيرها يعتبر إيحاءً وليس اعتمادًا نفسيًا أو جسديًا، وهذه بعض من الأسئلة التي تتراوح في أذهان الناس عندما يتحدثون عن المخدرات الرقمية ويأتي ذكرها في الكلام.
- هل المخدرات الرقمية ضارة للإنسان؟
- نعم الاستماع إلى الكثير من تلك الأغاني والموسيقى والتعرض لتلك الموجات التي قد تُصيب أذنك وقد تترك تأثيرًا سيئًا بسبب خلل في كهرباء المخ نتيجة للشرود الذهني الذي يصل إلى الانفصال عن الواقع.
- هل المخدرات الرقمية تسبب النشوة مثل المخدرات التقليدية؟
-لا تستطيع المخدرات الرقمية أن تسبب شعور بالنشوة مثل ما تفعله المخدرات الطبيعية (التقليدية) ، وإنما شعور بالمتعة والتسلية ليس له علاقة بالنشوة والسعادة
الطب النفسي والمخدرات الرقمية
وعن رأي أساتذة الطب النفسي في تأثير المخدرات الرقمية على الشباب، قال الدكتور محمد البنا، أستاذ الأمراض النفسية والعصبية إن المخدرات الرقمية هي ترددات شبة متماثلة لكلتا الأذنين وذلك يعني أن تلك الترددات يحب أن تكون في احدى الأذنين أكبر من الثانية بنسبة بسيطة وهنا يقوم الدماغ بدمج الإشارتين الصوتيتين مع بعضهما البعض لينتج صوتًا ثالثًا داخل الدماغ يسمي Binaural Beats””، أو نغمات صوتية ثنائية التردد، وهذه الترددات إذا قَل الفرق بينها تساعد على النوم والاسترخاء والتأمل بمعني إذا قمنا بضخ نغمة معينة بقوة 250 هرتز في الأذن اليسرى وقمنا بضخ نغمة بقوة 260 هرتز في الأذن اليمني وهنا الفرق يكون بسيط فهذه الترددات عندما يعالجها المخ؛ لكي يحدث مقاربة بين الترددات تؤدي إلى حدوث حالة من الاسترخاء والراحة والعكس يحدث مع زيادة الفرق بين الترددات ما بين الأذن اليسرى والأذن اليمني ومع هذه الزيادة تزداد حالة النشاط والتركيز لدي المستمع لتلك النغمات.
وأضاف أن من أبرز الأمثلة على هذا النوع من المخدرات الرقمية في الوطن العربي ما يعرف بـ”موسيقى المهرجانات” والتي معظمها يكون مبهمًا في كلماتها وألحانها إلا أن تجد الأشخاص في حالة من النشاط وتجدهم يرقصون بشكل غريب فتلك الموسيقي تعمل على زيادة إفراز هرمونات معينة في المخ مثل “الدوبامين” وهو ما يؤدي إلى رفع معدل هرمون “الأدرنالين” وبالتالي الشعور بالنشاط والسعادة وزيادة الرغبة في الرقص والحركة وهذا مثال لتوضيح معني المخدرات الرقمية وتبسيط شرحها.
وأشار إلى أن تلك المخدرات ظهرت منذ أكثر من 10 سنوات في الولايات المتحدة الأمريكية وعدة دول أوروبية وبدأت بالانتشار بشكل كبير لسهولة تحميلها ولعدم وجود حقوق ملكية فكرية وبالتالي سهولة تداولها وسرعة الوصول إليها عوضًا عن رخصها بالمقارنة مع المخدرات التقليدية ومع وجود تأثير قوي منها قد يعادل تأثير المخدرات العادية، ولكن بداية ظهورها الملحوظ في الشرق الأوسط كان في لبنان والسعودية والجزائر وتركيا بل وصل الأمر إلى أنه أصبح يمثل تهديدًا كبيرًا وخطرًا حقيقيًا فتلك الدول نظمت العديد من الندوات والمؤتمرات وحملات التوعية للتنبيه بخطورة تلك الموسيقي التي يستمع إليها الشباب والذين في أغلبهم يجهلون حقيقة تلك الموسيقي التي يستمعون إليها.
وتابع: “في مصر بدأ أول ظهور ملحوظ لها في عام 2016 حينما تم العثور على شحنة في أحد الموانئ المصرية محملة بسماعات موسيقية للرأس ومعها ميموري كارد به مقطوعات موسيقية معينة”
وحذر “البنا” من خطورة هذا النوع من المخدرات تتمثل في أنها تتسبب للمتعاطي لها إدمان سلوكي على عكس الإدمان العادي الذي يتم عن طريق تعاطي مخدر عادي سواء كان طبيعيًا أو مخلقًا أو شبة مخلق، كما أن الاستخدام المفرط لتلك المقطوعات الموسيقية يسبب الإدمان بسبب تحفيزها بعض المثيرات الحسية في الجسم والتي تؤدي إلى زيادة إفراز هرمونات معينة مثل “الأدرنالين” أو”الدوبامين” وذلك لكي تساعد الشخص على الوصول إلى حالة مزاجية معينة وذلك باستخدام سماعات معينة.
وقال إن هناك العديد من المنظمات الدولية والمجلات العلمية العالمية التي تناولت هذا الموضوع أبرزها منظمة الصحة العالمية التي صنفتها بأنها سامة وشديدة الخطورة، وتم إجراء دراسات عديدة في مجلات علمية أشهرها “journal psychology ” وهي مجلة علمية مهمة في مجال الطب النفسي وذكرت بأنه الاستمرار في تعاطي هذا النوع من المخدرات قد يؤدي إلى الوفاة بالسكتة الدماغية أو الجلطات، وهناك دراسة استقصائية دولية أجرتها منظمة المسح العالمي للمخدرات (GDS) واستمرت لمدة ثلاثة شهور ونصف الشهر وكانت تدور حول مستهلكي ” الدقات السمعية الثنائية” أو ما يعرف بالمخدرات الرقمية وما يشابهها من مقطوعات موسيقية وأوضحت الدراسة أن هناك فئات كبيرة من الشباب قامت باستهلاك معدلات عالية من هذا النوع من المخدرات وذلك لمساعدتهم على النوم والاسترخاء والتأمل أو مساعدتهم على زيادة النشاط والحيوية ومساعدتهم على التركيز.
وأضاف تتمثل خطورة المخدر الرقمي في أنه يتركز تأثيره يكون من داخل الإنسان وعلى الإنسان بمعني أنه يعمل نتيجة الهرمونات التي يفرزها الجسم عند دخول الترددات الموجودة في تلك الموسيقي إلى المخ، فالمطورون لهذا النوع من المخدرات صمموها لكي تحدث تأثير يعادل المخدرات العادية من حيث القوة وبالتالي تأثيرها على الجهاز العصبي المركزي والغدد الموجودة داخل جسم المتعاطي لهذا المخدر سيكون أشد قوة وأكثر خطورة وبالتالي حدوث أضرار نفسية وعقلية وجسدية لا حصر لها.
مقطوعات الموت
وأشار إلى أن هناك مقطوعات تسمي بمقطوعات الموت وهي تعمل على زيادة إفراز هرمون “الأدرنالين” في الجسم وبالتالي تؤدي إلى حدوث سكتة دماغية أو توقف لعضلة القلب نتيجة لتداخل عدد من هرمونات الجسم التي يفرزها دفعة واحدة وبالتالي لا يقدر على تحملها الجهاز العصبي المركزي، وفي أغلب الأحيان تسبب هذه المقطوعات سكتة دماغية أو شلل أو فقدان كامل لحاسة السمع أو البصر، والمخدرات الرقمية خطورة كبيرة حيث عدد كبير من مستخدميها حدثت معهم أعراض مشابهة لأعراض المتعاطي لمخدر الهيروين والذي يعتبر من أخطر أنواع المخدرات التي ظهرت حتي الأن ومن تلك الأعراض حدوث قصور في وظائف الكلى، عوضاً عن مشاكل كثيرة في المعدة أشهرها تقرحات المعدة على الرغم أن المتعاطي للمواد المخدرة الرقمية لا يتناول المخدرات بشكل مادي ولكن تلك المقطوعات تؤدي إلى زيادة إفراز الهرمونات التي تفرزها غدد الجسم وبالتالي على المدي الطويل والاضطراب في الهرمونات يحدث أمراض عديدة.
المخدرات الرقمية والإصابة بالسرطان
وأوضح أن هناك دراسة حديثة أجرتها إحدى الجامعات الأمريكية تظهر أن تعاطي المخدرات الرقمية على فترات زمنية طويلة يمكن أن يؤدي إلى حدوث أنواع معينة من السرطانات وذلك بسبب زيادة استهلاك الغدد، ومن مخاطر المخدرات الرقمية أنه في المرحلة الثانية ” المرحلة التكاملية الخارجية” وهنا يكون الجسم قد تعود على المخدر الرقمي وبالتالي لا يحدث أي أثر وذلك يعود إلى أن الغدد لا تفرز هرمونات بالشكل الذي كانت عليه في بداية تعاطي المخدر الرقمي وبالتالي قد يلجأ المتعاطي إلى تناول المخدرات العادية كالحشيش والهيروين وغيرها لكي يعوضوه الإحساس بالانتشاء الذي فقده نتيجة لتعود جسده على المخدر الرقمي، وأيضاً أظهرت بعض الدراسات العلمية الحديثة بجامعة “هارفارد” أنه قد يحدث في بعض الحالات انفجار للشعيرات الدموية الدقيقة وذلك لعدم قدرتها على استعمال المواد المخدرة التي تمثلت في شكل هرمونات غزيرة بالإضافة إلى عدم قدرتها على تحمل الضغط الخارجي المتمثل في الموسيقي وهو ما قد يؤدي إلى حدوث نزيف في المخ وما يتبعه من سيلان دم من الأذن وأحياناً من الأنف، وهذه الحالات ظهرت بكثرة في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وغالبية هذه النوع من الإصابات يكون من نوع من الحفلات الموسيقية يُستخدم فيها هذا النوع من الموسيقي بالإضافة إلى أنه يتم تناول نوع معين من الحبوب يساعد على زيادة الهلاوس السمعية والبصرية وزيادة حالة الانتعاش بين المتواجدين في هذا الحفل الموسيقى،
وقال: للأسف في مصر ظهرت هذه الحالات ففي إحدى مراكز الرعاية الصحية الأولية جاءت حالة وتظهر عليها أعراض مشابهه لهذه الأعراض، حيث كان هذا الولد في حفلة مع أصدقاءه وحينما عاد إلى منزلة أغمي عليه وبدأ النزيف وعلى الفور، وقامت عائلته بنقلة إلى هذا المركز الصحفي وبعد التحاليل الطبية تم تسجيل مستوي مرتفع من هرمون الادرينالين مع وجود نسبة من المخدرات في دمه.
وأضاف أنه بخصوص البروتوكولات العلاجية المتبعة يوجد العديد من البروتوكولات التي يتم استخدامها حسب كل حالة فلكل حالة فئة اجتماعية تنتمي إليها وظروف نفسية وعقلية وتجارب شخصية فلكل شخص ظروفه ودوافعه والتي بسببها دخل عالم الإدمان ونحن كأطباء نفسيين نراعي تلك النقاط أثناء اختيار برتوكول علاجي، ولكن حينما نتحدث عن المدمن على المخدرات الالكترونية نجده شخصًا مرفهًا ولديه عدد محدود من الأصدقاء وصلته بعائلته ضعيفة وبالتالي لديه نوع من الاكتئاب والإحباط وهو ما أدي به إلى الدخول لهذا العالم المظلم، وهنا يبرز أهمية التحدث مع المريض؛ لنعرف بشكل أكبر حياته وظروفه ودوافعه وهو ما سيسهل كما ذكرت مسبقاً من عملية وضع برتوكول علاجي.
وقال إنه في الحقيقة هناك تطور مشهود في مراكز العلاج النفسي، خاصة المؤسسات التابعة لوزارة الصحة وصندوق مكافحة وعلاج الإدمان والأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان، وهناك اهتمام واضح ومتزايد من قبل تلك الجهات الفاعلة بهذا الموضوع.
ومن جانبه، وصف الدكتور/ علي الحرجان، المخدرات الرقمية بأنها قوة خفية لا يستطيع أحد منا أن يسيطر على نفسه منها في بداية تعرضه لها، ومشيرًا إلى أن أعراض الإدمان الإلكتروني يمكن اكتشافها بسهولة لدى الأبناء من خلال تصفح الطفل أو المراهق أجهزة الموبايل والآيباد وقضاء وملاحظة وضع سماعات الأذن لوقت طويل وظهور انفعالات غريبة على ملامحه، وإذا افتقده السماعة أو الجهاز تظهر لديه علامات توتر وقلق وعصبية، وهناك علامات أخرى حيث يبرز قصور واضح في دراسته ونشاطاته الرياضية وعلاقاته الأسرية مع أهله، ويكون دائم الانزواء في غرفته، ويسهر كثيراً، ولا يفارقه الجهاز ويتصفحه باستمرار من وقت لآخر، مشيراً إلى أن النصح والإرشاد لا يؤدي إلى نتيجة معهم؛ وذلك لوقوعهم في فخ قوة خفية تسيطر على سلوكهم وتعمق لديهم هذا الإدمان.
ومن جانبه، قال الدكتور/ جمال فيروز، أستاذ الطب النفسي بالأكاديمية الطبية العسكرية وأستاذ الأمراض النفسية والعصبية وعلاج أمراض الإدمان، إن المخدرات الرقمية نوع جديد من المخدرات بدأت تظهر منذ 10 سنوات وهي عبارة عن نغمات موسيقية بموجات صوتية معينة يتم سماعها عن طريق سماعات الأذن “الاستيريو”، وهي مُعٍده لكي تصل إلى الصدغ الأيمن من المخ بفارق ثانية واحدة إلى ثانيتين عن الصدغ الأيسر وبفارق لا يزيد على 30 هرتز، وعندها يبدأ هرمون “الدوبامين” يرتفع في المخ وهنا يشعر الفرد بالسعادة والنشوة ويدخل في موجة من عدم الوعي قد تستمر من دقيقة إلى 30 دقيقة أو أكثر حسب الكمية أو الجرعة وهنا يحدث للمخ نوع من عدم الاتزان بين القشرة المخية في الجانب الأيسر والجانب الأيمن، وهذا ما يحدث نوبة من الصرع أو نوبة تشنجات وفي أغلب الأحيان لا يدرك المريض أنه تحت تأثير المخدرات الرقمية فمعظم الحالات التي أشرفت عليها كانت لا تعلم أنها تحت تأثير المخدر الرقمي أو أنها تستمع إلى نوع من أنواع الموسيقى المخدرة.
وأضاف: كان الأهل يأتون بابنهم او ابنتهم لأنهم وجدوها في حالة تشنج في غرفتها أو ملقاه على الأرض ويعتقدون أنها حالة صرع، وفي هذه الحالة يكون المتعاطي للمخدر الرقمي ومن حوله لا يدركون أن ما يسمعه من موسيقي هي مقطوعات صوتية مخدرة.
وأشار إلى أن الاعتماد على المخدرات الرقمية يأخذ وقتاً ولكن المشكلة تكمن في الموجات التشنجية التي تحدث المتعاطي لها، ولكن لا يمكن الجزم بعدد المرات التي يمكن أن يدمن بعدها المتعاطي على المخدر الرقمي فمعظم الحالات التي تعاملت معها كان الشباب يخبرونني بانهم يشعرون بالنشوة والسعادة عند سماع تلك الموسيقي ولذلك يعاودون سماعها.
وأشار إلى أن المخدر الرقمي يعتمد على “الدوبامين” وهو كالزئبق في المخ فإذا زاد معدل الدوبامين في المخ يبدأ المتعاطي للمخدر الرقمي بالدخول في موجات من الهلوسة ومن أبرز الهلاوس التي يتعرض لها المتعاطي الشعور بأن هناك من يراقبه أو بوجود أشخاص تضطهده أو تحاول إيذاءه أو الاستماع لأصوات غريبة أو شم رائحة غريبة وبالتالي تكون هناك هلاوس سمعية وبصرية وذاتية يشعر بها المتعاطي ولا أحد غيره، وإذا قل معدل الدوبامين نتيجة التلاعب بالمقطوعات الصوتية سيحدث اكتئاب وفقدان للشهية والانطواء على الذات وفقدان الشغف والتركيز وانعدام القدرة تدريجيًا على التواصل مع الآخرين وتراجع مستويات التفكير وبالتالي تراجع القدرة على المذاكرة والعمل، وهنا نرى التباين الواضح، الدوبامين هو المسيطر والمتحكم في حالة الشخص المتعاطي للمخدر الرقمي ولذلك إذا قلنا بأن لها تأثير سلبي على الصحة النفسية والعقلية والجسدية للمتعاطي لها سيكون ذلك صحيحا وبدون شك وبالتالي المخدرات الرقمية كالمخدرات العادية من حيث التأثيرات السلبية على المتعاطي لها.
وأكد أنه من الممكن أن تؤدي المخدرات الرقمية إلى وفاة المتعاطي لها لأن الشخص حينما يحدث له موجات تشنجية بعد سماعه للمقطوعات الرقمية المخدرة، ولكن النوبات التشنجية في حد ذاتها لا تؤدي إلى الوفاة بشكل مباشر ولكن ما ينتج عنها بعد دخول الشخص فيها هو ما قد يؤدي بشكل أو بآخر إلى حدوث إصابات بالغة قد تودي بحياة المتعاطي للمخدرات الرقمية، ومن الممكن أن يؤدي ارتفاع معدل “الدوبامين” في الجسم إلى ارتفاع “الادرينالين” مما قد يؤدي إلى حدوث جلطة في القلب أو حدوث سكتة قلبية.
وقال إن لكل حالة علاج ولكل حالة بروتوكول متبع أهم نقطة في رحلة العلاج والتي يقع عليها 50% من تطور الحالة واستجابتها للعلاج، هي رغبة الشخص نفسه في العلاج ومن وجهة نظري التي أتعامل بها عندما يأتي إلي مريض يريد العلاج من تلقاء ذاته أخبره بأنه سيتعافى من الإدمان بنسبة 100%، لأن رحلة التعافي من الإدمان تتطلب الإرادة والعزيمة والالتزام الذاتي وهنا القرار الذاتي مهم جدًا لأن البعض يأتي ويطلب العلاج لتعرضه لضغط من اهله أو أحد أقاربه أو من أصدقائه وهنا بمجرد خروج الشخص المتعافي من الإدمان قد يعود إلى تعاطي المواد المخدرة مرة أخرى بعد تعافيه بشكل كامل وذلك لغياب الإرادة والدافع الشخصي، وبعدها يأتي دوري كطبيب نفسي متخصص من حيث دراسة الحالة والمدة الزمنية التي كان يتعاطى فيها المخدر وبعدها ابدأ برسم الخطة العلاجية بكل سهولة.
متعاطي المخدرات الرقمية ومرحلة اللاعودة
وأشار إلى أنه لم ير في المخدرات الرقمية شخصًا وصل لمرحلة اللاعودة أما في المخدرات العادية ما عدا الهيروين يمكن أن يعالج الشخص في شهر واحد على الأغلب، وذلك لوجود أدوية قوية تعوض “الدوبامين” الذي يفقده الجسم مع بدء ظهور الأعراض الانسحابية على المتعاطي لكل أنواع المخدرات بما فيها المخدرات الرقمية، ويأخذ العلاج شهرًا واحدًا في معظم الحالات وذلك مع وجود الرغبة وإتباع العلاج والتعليمات الموضوعة بشكل صحيح .
وأوضح أن المخدر بمجرد سماعه لا يموت المتعاطي، ولكن التشنجات التي تصاحب سماع المخدر الرقمي قد تؤدي إلى وقوع الشخص من مكان مرتفع أو الغرق أو ترك الغاز مفتوحًا ولكن هناك ارتباط مباشر فقد يحدث للشخص سكتة قلبية نتيجة لزيادة معدل “الدوبامين” في الجسم وبالتالي ارتفاع نسبة هرمون “الأدرينالين” وهو ما يؤدي إلى حدوث سكتة قلبية أو جلطة دماغية.
وأكد أن المخدرات الرقمية تؤثر على صحة الشخص النفسية والعقلية وبالتالي صحته الجسدية وأيضًا تدمر علاقات الشخص الاجتماعية فهو يظل في حالة من العزلة، وأيضًا المخدرات الرقمية مدمرة ماليًا حيث أن شراء تلك المقطوعات الموسيقية يكون من مواقع على “الدارك ويب” ويكون الدفع عن طريق الفيزا وفي أغلب الأحيان يكون الدفع بالدولار، بالإضافة إلى أن الموجات التشنجية تكون مصاحبه للمتعاطي وقد يضطر إلى تناول أدوية وعقاقير لمعالجة تلك الموجات التشنجية وتلك الادوية لها أثارها السلبية على صحة الإنسان.
التعافي من إدمان المخدرات الرقمية واحتمال انتكاسة المتعاطي
واوضح أنه من الممكن أن يعود من تعافى من المخدرات الرقمية للإدمان ويصاب بانتكاسة، لأن من أحد أعراض انسحاب المخدر من الجسم حدوث اكتئاب وهذا الأمر عضوي لأنه على صلة مباشرة بالمخ وأنا انتمي لتلك المدرسة “النفسية العضوية “، ولذلك قد يتطلب العلاج شهراً علي الأغلب وذلك بناءً على البروتوكول المتبع في العلاج وتقبل المريض نفسه للعلاج، وهنا يتوجب على الطبيب المعالج غلق كافة الأبواب التي من الممكن أن يحدث المتعافي انتكاسة بسببها فالشخص المتعافي اعتاد على مستوى مرتفع من “السيرورتين الدوبامين” والذي يحدث بفضل المخدر الذي يدخل جسم المتعاطي سواء مخدر عادي أو رقمي، وبالتالي كطبيب معالج أكون مضطرًا لتخفيض مستوى “السيرورتين و الدوبامين” في الجسم تدريجياً عن طريق تقليل الجرعات التي كان المتعاطي يتناولها وذلك لكي أقلل من نسب حدوث انتكاسة وسط أو بعد انتهاء رحلة العلاج.
وحول ظهور حالات في مصر مثل هذه الحالات؟، وهل يوجد في مصر مراكز متخصصة ومؤهلة لاستقبالها ؟ ،قال نعم، ظهرت حالات في مصر ولكنها ليست كثيرة أو بارزة وذلك لأنها تتمركز بشكل قوي في الدول الغربية وهذا النوع من المخدرات لا يلقي شهرة واسعة في مصر ومعظم الحالات التي عالجتها كانت لا تعلم بأنها تستمع إلي مخدرات رقمية، نعم توجد العديد من العيادات والمراكز والمستشفيات المتخصصة في علاج الإدمان الرقمي داخل مصر وهي على قدر كبير من الكفاءة والمهنية.
وعن الخطوات التي يجب على متعاطي المخدرات الرقمية إتباعها إذا أراد العالج، ما هي الخطوات التي يجب عليه أن يتبعها؟، وما هي أول الخطوات التي يتبعها الطبيب النفسي عندما يتولى علاج مثل هذه الحالات؟
في البداية على المتعاطي لأي نوع من أنواع المخدرات وليس فقط المخدرات الرقمية، أكد أنه بجب على المتعاطي أولًا أن يعترف في المقام الأول بأنه مدمن ويحتاج إلى العلاج وذلك لأن الاعتراف بالمشكلة بداية لحلها، وهنا عنصر مهم أيضاً في رحلة العلاج أن يكون لدى المتعاطي الرغبة في تلقي العلاج ولديه النية للالتزام بالبروتوكول الموضوع له والذي سيلتزم به إذا أراد أن تتحسن صحته وأن يتعافى بنسبه 100%، الخطوة الأولى التي يتخذها أي طبيب نفسي متخصص هي الجلوس مع المريض؛ لمعرفة إذا كان يريد العلاج أم لا ويبدأ بالتحدث معه وعلى ذلك يقوم بوضع خطة علاجية شاملة تتناسب مع المتعاطي وحالته سواء النفسية أو الجسدية.
وحول وصف المخدرات الرقمية بأنها مخدرات العصر الجديد، وأنها أصبحت ظاهرة عالمية بين أوساط الشباب والمراهقين؟
قال أنا لا أحب أن يتم وصف المخدرات الرقمية بأنها مخدرات العصر الجديد، وذلك لسبب بسيط هو أن المخدرات في تطور مستمر وأنه دائما ما تظهر أنواع وأصناف جديدة وأشد خطورة وأكثر انتشاراً من المخدرات الرقمية، وأيضاً من قصور الفهم للمعنى العام للإدمان اقتصار الإدمان على المخدرات سواء كانت التقليدية أو الرقمية منها، ولكن الإدمان يكون بأشكال عديدة فالإدمان يعني التعلق بشيء معين والاستمرار على فعله بشكل متكرر وبصفة دائمة، فمثلاً الجلوس على الهاتف قد يتحول لإدمان، وأيضاً إدمان الألعاب العنيفة بين المراهقين وهناك إدمان للسرقة والكذب وغيرهم كثير.
وأشارت الدكتورة جميلة سليمان خانجي، مستشارة دراسات وبحوث، إلى أن المخدرات الرقمية تعتمد على نظريات علمية وأبحاث، وقد أثبت أثر الموسيقى على فعالية عمل الدماغ، وفي هذا الشأن توجد مئات الأبحاث الحديثة التي اكتشفت أثر الموسيقى على الدماغ، ومن منطلق تحصصي في مجال الهيمنة الدماغية والأنماط الاستيعابية وأنماط التفكير، وقد وجد هناك عدة اكتشافات في مجال أثر الموسيقى على الدماغ، موضحة أن الموسيقى السريعة تنشط منطقة المخيخ التي لها علاقة بالحركة والتوازن الحركي، وتؤثر على معدل ضربات القلب.
غياب التشريعات الرادعة وراء انتشار المخدرات الرقمية
ومن الناحية القانونية، قال المحامي على الخشاب ، إن هذا النوع من المخدرات لا يزال جديدًا نسبيًا
فهو ظهر منذ حوالي عشر سنوات و يتم شراؤها من مواقع “الدارك ويب” على شبكة الإنترنت
وأضاف أنه من الصعب وجود إطار قانوني صريح ومحدد تقع المخدرات الرقمية تحت طائلته؛ وذلك لأنها غير مرئية ويصعب التعرف عليها وتمييزها كمخدر رقمي حيث يتم تداولها كمقطوعات موسيقية عادية على المواقع الإلكترونية، وأيضًا سهولة الوصول إليها وتوزيعها سيجعل ملاحقة الأشخاص القائمين على المواقع التي تروج لهذا النوع من المخدرات صعبًا وأحيانا قد يكون مستحيلاً، وأكمل حديثه قائلاً ، المخدرات الرقمية يتم ترويجها وبيعها عبر الإنترنت وبالتالي سيصعب على الجهات التشريعية المختصة إصدار تشريعات محددة للقضاء عليها، ففي جميع أنحاء العالم نشهد غياب الرقابة والمحاسبة على وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت، تقريباً ليست هناك أي تشريعات أو قوانين رادعة تحد من مخاطر السوشيال ميديا ووسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت لعدم قدرتها على التكيف مع التطورات التكنولوجية الكثيرة والمتجددة،.
وأشار إلى أن المخدرات الرقمية واحدة من أبرز الأثار السلبية التي تشهدها المجتمعات نتيجة للتطور التكنولوجي الرهيب الذي شهده العالم في العقد الثالث من الألفية الثانية، ومن وجهة نظري خطورتها الشديدة تتمثل في أنها تقدم بالمجان في معظم مواقع “الدارك ويب” وأيضاً أنها بلا حقوق ملكية فكرية وبالتالي هذا يسهل من تداولها وتحميلها وحفظها ومشاركتها مع الفئات التي تقوم بتعاطيها وخاصةً فئة الشباب.
وأشار إلى أنه لكي يتم القضاء على تلك الظاهرة الخطيرة يجب على الدول التعامل بجدية مع هذا التهديد من خلال سن قوانين وتشريعات لازمة وقوية لغلق المواقع الموجودة على الانترنت والتي تروج لهذا النوع من المخدرات، أيضاً ملاحقة المروجين لها وتغليظ العقوبات المفروضة عليهم، ثالثاً وهذه أهم خطوة التوعية في المدراس والجامعات بخطورة هذه المقاطع الصوتية المخدرة وضرورة عدم الاستهانة بها وأيضًا تنظيم ندوات ومؤتمرات للأسر والأهالي لتوعيتهم وحثهم على الاهتمام بأبنائهم وتوفير الحماية لهم من تلك المصايد الالكترونية التي تلقي ببراثنها على أبنائهم وهذه خطوة مهمة لأن الأسرة هي أساس كل شيء وهي الدرع الواقي الوحيد للطفل وسط كل ما يدور حوله من تطورات تكنولوجية مخيفة عوضًا عن أثارها السلبية الكثيرة والتي من الممكن أن تبث للطفل أفكارًا وتصرفات غير مقبولة وتنافي التقاليد والعادات والأعراف وتتعارض مع القيم الدينية.
حالة متعافية تروي تجربتها مع المخدرات الرقمية
أحمد (حرصاً منا على حماية الحياة الشخصية للمتحدث أستخدمنا أسمًا مزيفًا) واحد من الشباب الذين وقعوا في فخ المخدرات الرقمية، ولكن مع عزيمته ودعم عائلته استطاع النجاة، يبدأ أحمد سرد قصته، بصوت حزين قائلاً، أنا كنت هضيع بس الحمد لله قدرت أنجو بنفسي قبل فوات الأوان، ليصمت برهة، قبل أن يكمل حديثه، الموضوع بدأ في ادى المرات التي كنت ألعب بها على هاتفي وبعدها ظهر إعلان على شاشة الهاتف حاولت إغلاقه ولكني وجدت نفسي فجأة في صفحة غريبة، حاولت أن أغلقها وبالفعل نجحت ولم أهتم وأكملت تصفحي حتي عاد ذلك الإعلان مرة أخري وفجأة ظهرت صفحة كانت باللغة الإنجليزية وبها فيديوهات جذابة وطلبت مني وضع سماعات الأذن لكي أتمتع بتجربة فريدة حسب ما ظهر لي، أثار الأمر فضولي وبدأت أستمع وعندها دخلت عالم جميل وشعرت بسعادة وقوة لم أشعر بهما من قبل.
وأضاف : بالفعل نالت هذه التجربة اعجابي والدليل أنني أعدت الكرة ليس مرة واحدة بل مرات عديدة، فكلما كنت أضع سماعتي أدخل عالم جميل من السعادة والفرح والنشاط، حتى اعتدت الأمر وأردت أن اجرب شيئا أخر يكون أقوي ويحدث تأثير أقوي وبالفعل فتحت الموقع وبدأت أبحث عن شيء ولكن هنا طلب الموقع مني أدفع مقابل الاستماع لتلك الموسيقى وبالفعل أخذت الفيزا الخاصة بأبي ودفعت المبلغ المطلوب تقريبا كان عشرة دولارات، ولكن على غير العادة هذه المرة وضعت سماعتي الأذن لاستيقظ وأنا في المستشفى، فقد وجدني أخي ملقي على الأرض وفي حالة صرع وتشنج وكدت أن أموت، وحينما تحدث معي أحد الأطباء الذين سارعوا لإنقاذي علمت أن تلك الموسيقي التي كنت أسمعها، هي نوع من أنواع المخدرات الرقمية وأنني كنت في بداية طريق الادمان عليها ولكن بفضل الله ومن ثم عائلتي نجوت بذاتي وقررت التوقف نهائيا عن سماعها حتي أنني قد اشتريت هاتفا جديداً وأسرتي ظلت تتابعني وتحرص على عدم انفرادي بذاتي، والحمد لله منذ ذلك الوقت وأنا عاهدت نفسي ألا أعود لذلك الطريق المظلم.
وفي الختام على الأسرة والمجتمع وكافة المؤسسات التربوية أن تحذر الشباب والمراهقين من المخدرات الرقمية سرعة التوصل إلى الحلول المخدرات الرقمية التي تحولت إلى شفرة الموت البطيء الذي يجب توخي الحذر منها.