نظرة مجتمع .. وأجيال آخر زمن
كتبت: وسام صابر
يشهد المجتمع المصري خلال الفترة الأخيرة نسبة كبيرة من الجرائم الغريبة والعجيبة، التي تكشف مدى الانهيار الخطير في القيم والمبادئ والسلوك لدى معظم الشرائح والفئات، والأخطر من ذلك أن هذه الجرائم لم تعد مقتصرة علي الفئات المنحرفة أو السوابق والمدمنين ومتعاطئ المخدرات، إنما إمتدت لتطال الأشخاص العاديين والمتعلمين تعليماً جامعياً.
وتعددت أشكال الجريمة من خطف وهتك عرض وسرقة واحتجاز وتهديد واعتداء على حرمة الحياة الخاصة، التي تعبر عن باقة من الجرائم تكفى الواحدة منها لتدمير حياه الانسان والقائه فى ظلمات السجون.
وقبل أن أتناول أحدث الجرائم التى شهدها المجتمع والعالم أجمع، لابُد أن أوكد أن ما ذكرته في السطور السابقة يوحي بقرب علامات الساعة والبعد عن الدين وقلة العقل، وإنعدام الخوف من الله ومنها على سبيل المثال وليس الحصر الواقعة التي هزت الضمير العالمي والرآى العام، وهي قضية نيرة أشرف ومحمد عادل الشاب الجامعي الذى وسوس له الشيطان فانساق ورائه، وإقدامه على قتل فتاة أمام أعين الناس، باسم الحب.
إن ما نراه في مجتمعنا ليس بالأمر العجيب، وخصوصاً أن نسبة من الأشخاص تتعاطف مع الجاني ضد الضحية، مبررين أن الحب قد يكون دافع في القتل.
وقد أشارت استبيانات تم إجراؤها أن نسبة متوسطة من الأفراد يعتقدوا أن الحب يكون دافع أحياناً لعمليات القتل، بينما النسبة الأكبرلاتعتقد ذلك وتري أنه ليس هناك دافع يٌقدم شخص علي قتل من يحب تحت مسمي الحب، أما النسبة الأصغر فأكدت أن الحب دافع أساسي لعمليات القتل.
وقد أشار بيان صادر عن وزارة الداخلية، أن معدلات ارتكاب قضايا الجنايات التى نشهدها في المجتمع لعام 2023، تتراجع بنسبة 73% مقارنة بعام 2013 وبنسبة 9% مقارنة بعام 2010، ورصدت الإحصائيات التى تم إجراؤها علي 50عينة من جرائم القتل، أن نسبة القتلة الذكور90%،والقتلة الإناث10%،في حين أن نسبة الضحايا الذكور50% ونسبه الإناث46%.
وتشير العينة إلى وجود ارتباط وثيق بين القتلة والضحايا الذكور، وهو تقارب نسب القتل مع نسب الضحايا، بسبب خلافات مالية أو مشاجرات الأيدي والأسلحة المختلفة، أو السرقة.
كما أظهرت إحصائيات العينة وجود تفاوت بين القتلة والضحايا الإناث، حيث تتراجع معدلات القتلة الإناث إلى ما يقرب من 10%،مقابل زيادة عدد ضحايهم إلى 46% وهو ما أوضحه الشكل البياني.
كما ارتفعت نسب القتل الفردي عن القتل الجماعي، حيث بلغت مؤشرات الفردي بحوالي 78%، والقتل الجماعي 20%، وهو ما يستدعي القيام بتوعية مجتمعية عن عواقب القتل.
وقد أظهرت البيانات مدى الارتباط بين حالات القتل الفردي التي بلغت 78%،وجرائم الليل التى بلغت 70%، وهذا يستدعي قيام الجهات الأمنية بتكثيف الرقابة ليلاً.
كما أظهر تحليل البيانات أن الخلافات أو ما يطلق عليها المشادة الكلامية،من أهم الأسباب التى تكثر بسببها عمليات القتل،ويليها عمليات السرقة وهتك العرض والخيانة الزوجية والعلاقات الغير المشروعة .
وتكثر جرائم القتل بشكل كبير في االقاهرة، والتي تعتبر المدينة التي يزداد فيها معدلات القتل بشكل كبير،ويحدث ذلك نتيجة خلاف على الميراث أو الجشع وحب المال،أوبدافع الحب،وأحياناً آخرى نتيجه طلب الزوجة للطلاق أو علاقة الغير المشروعة وغيرها من الأمور .
أراء بعض الخبراء في قضايا القتل
قالت د. هبه المنوفي مدرس بكلية الإعلام جامعة المنوفية، أن انتشار قضايا القتل تأتي من البعد عن الدين وقلة الإيمان والإنفصال الأسري والضغوطات النفسية، وأن الحد منها يكون في إطار التوعية الأسرية ومعالجة المشاكل النفسية، والرجوع إلي الله تعالي والحفاظ علي الكيان الأسري ولم شمل الأسرة، وتوفير الجو المناسب نفسياً للأبناء.
وأضافت أيضاً أنه لا يجب التعاطف مع أى قضايا قتل قائلة :” نحن لم ندرس شخصية الجاني أو المجني عليه كي نتعاطف معهم، ولكن يصبنى الحزن علي ما وصلت اليه البشرية “.
كما أكد د. محمد رجب عبد الباري إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية أن قضايا القتل تنتشر بسبب عدم وجود وعي فكري وحوار عقلي مستنير يبني علي قبول واحترام الآخر، مشيراً أننا نسطيع أن نحد من هذه القضايا بالوعي الصحيح، من خلال برامج توعوية لعلاج الإضطربات النفسية التي يعانيها المرضي وأنه لا يجوز التعاطف مع الجاني لأن الذيح أقدم علي القتل وإرتكب جرماً عظيماً ،يستحق عليه العقوبة.
بينما أشار الأستاذ عبدلله قطب الصحفي بالبوابة نيوزوقناة تن أن معظم قضايا القتل سببها الأوضاع الإقتصادية ،والآخري بسبب الغل والحقد والكراهية ومشاكل في الميراث، ولذلك إن معرفة أسباب الجريمة يساهم في وضع روشته مناسبه لها، ولكي يتم الحد منها يجب أن تلعب الأسرة دوراً في تعليم أبنائها السلوك الجيد، ومن جهه آخرى يجب أن يلعب الإعلام دوراً في تقديم محتوي جيد يؤثرعلي عقول الشباب وشرح مخاطر الجريمة علي الفرد والمجتمع.
وأضحت الطبيبة الصيدلية علا نبيل أن القتل يأتي من عدم وجود الوعي الديني الكافي، وكذلك بسبب الإضطربات النفسية ،ولذلك يجب تكثيف الجهود لزيادة وعي الشباب ،وعدم التعاطف مع القاتل الذى يرتكب جرماً، لان القتل ليس له أى مبرر،وأن الحد منه يكون بزيادة رقابة الأسرة وكذلك إختيار أصدقاء جيدة ،لأنهم يلعبوا التأثير الأكبر علي عقول الشباب .
وأكدت ا شرين مصطفي أستاذةعلم النفس، أن انتشار مثل هذه الظواهر،يأتي بسبب عدم الخوف من القانون ،والبعد عن الدين ،لذلك يجب تقديم حلول فعالة فوراً،بعدم التعلق بالأشخاص لدرجة قتلهم إن لزم وأنه يجب أن يكون هناك إحتواء من الأسرة لأفرادها ،لأن القاتل الذى يرتكب جرائم القتل لا يستحق من يتعاطف معه .
وأضاف كريم ياسين أستاذ الجغرافيا السياسية، أن الفقر والبطالة وعدم تدريس مادة الدين الإسلامي في المدارس كمادة أساسية هو السبب في مثل هذه القضايا،فإذا كنا نريد الحد منها فلابد من محاربة الفقر والبطالة والمخدرات ونشر سماحة الدين الإسلامي ،وتربية الأبناء وتطبيق الدين بشكل صحيح في المدارس.
وأرجع سبب تعاطف الناس مع الجاني في البداية،بسبب عدم معرفتهم كافة التفاصيل حول القضية ولكن بعد قرار المحكمة ومعرفة التفاصيل يغير الإنسان رأيه.
أراء طلاب الجامعات في قضايا القتل المجتمعية
وأشار طلاب الجامعات والمدارس إلى أسبابانتشار قضايا القتل، ومنها قلة الدين والعقل والأخلاق وكذلك الجهل وزيادة مشاكل الحياة، والحقد والأنانية وعدم وجود أحكام قاسية وانتشار الفساد، والبعض يرجع سببها إلى خلل فى العقيدة وعدم وجود إهتمام من الأسرة بأبنائها وكذلك انتهاء زمن إستشارة شخص كبير ومن هنا تبدأ الهيمنة في التعامل.
وأضافوا كذلك، أن سببها يكمن يكمن فى عدم وجود المال وانتشار المخدرات والبعد عن الله والإفلات من العقاب وضعف القوانين ،وسوء التربية من الأهل والمجتمع ،وعدم إحترام العادات والتقاليد والتأثر بالسوشال ميديا والأفلام والمسلسلات،وكذلك الإختيار الخطأ للشخص من البداية والزواج في مرحلة مبكرة من العمر دون التأهيل لها،والصراع علي السلطة والمال والتدخلات الخارجية .
وبالنسبة عن موقف تعاطفهم من الجاني إنقسم الطلاب إلي قسمين البعض أظهر تعاطف مع الجاني، معللين أنه قد يكون مظلوم وأنه قد يكون قتل بدافع نفسي وهو الحب، وكذلك تعاطفاً مع أهالي الجاني وحزنهم عليه،وعدم علمهم بكافة التفاصيل الحقيقية وراء هذا الموضوع لأن بعض الجرائم ليس لهاعلاقة بالجاني ولا بالمجني عليه بل أنها لها علاقة بالمجتمع .
من جانبه،رأى أغلبية الطلاب أن القاتل لا يستحق من يتعاطف معه،وأن القتل المتعمد الذي يكون بلا رحمة جزاءه عدم الرحمة لانه لم يحترم الإنسانية ولا منهج الله ،مبررين ذلك بأنهم أشخاص غير أسوياء ويعانوا من مشاكل أسرية غير ظاهرة ، ولان القتل ليس مبررلأى سبب ،لان العدالة سوف تأخذ مجراها .
كما أظهرت الدراسة التي تم إجرائها علي العينة أن وسائل التواصل الإجتماعي لعبت الدور الأول في التأثير على الجمهور ونقل اليهم أخبار الجرائم قبل الوسائل الإعلامية الأخرى مثل التلفزيون والصحف،أما بالنسبة لدور منظمات حقوق الإنسان في الحد من هذه الجرائم فإتفق الغالبية علي أن دورها محدود الي حد ما، والبعض يري أنه يجب أن ينشط دورها أكثر من ذلك ،فالقضاء علي الظاهرة يحتاج دعم من كافة أجهزة الدولة .
لذلك إن ظهور قضايا القتل إلي حد الظاهرة ،يستدعي إعادة النظر في القوانين والعقوبات وكذلك مواكبة التطور تقنياً،لذا يتوجب علي جهازالأمن الوقائي بوزارة الداخلية سرعة التحرك، بالتعاون مع منظمات حقوق الإنسان وإدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية لمحاربة قضايا القتل المجتمعية.
وتكثيف برامج توعوية شاملة للشباب وتثقيفهم،من خلال التعاون مع الأزهر الشريف لإرسال شيوخ إلي المدارس والجامعات لتعليم الشباب مبادئ الدين الإسلامي، وعمل حملات توعية وكذلك يجب أن ينهض الإعلام بتقديم النصائح للشباب والأسرة وتقوية الجانب الديني وتعزير لديهم الخوف من الله سبحانه وتعالي .